سورة الفتح
مدنيّة. (١)
وهي تسع وعشرون آية بلا خلاف. (٢)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ـ (إِنَّا فَتَحْنا) : عن عمر : أنّه كان يساير رسول الله في بعض أسفاره فسأله عن شيء ، فلم يجبه ، قال : قلت : ثكلتك أمّك يا عمر ، سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاث مرّات كلّ ذلك لا يجيبك ، فحرّكت بعيري ، وتقدّمت بين يدي ، فلم ألبث أن سمعت صارخا ينادي ، فأتيت رسول الله ، وقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد أنزلت عليّ سورة هي أحبّ [إليّ](٣) ممّا طلعت عليه الشّمس» ثمّ قرأ : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً). (٤)
٢ ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) : وعن المغيرة بن شعبة : أنّ النّبيّ عليهالسلام صلّى حتى انتفخت قدماه ، فقيل له : أتتكلّف هذا ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟ قال : «أفلا أكون عبدا شكورا؟» (٥).
قيل : المراد بالفتح هو حكم الموادعة بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين المشركين عام الحديبية ، (٦) ويحتمل : أنّه معنى قوله : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) [فاطر : ٢]. وعن أنس قال : أنزل على النّبيّ عليهالسلام : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) مرجعه من الحديبية ، وقال النّبيّ عليهالسلام : «لقد نزلت عليّ آية أحبّ إليّ ممّا على الأرض» ، ثمّ قرأها عليهالسلام عليهم ، فقالوا : هنيئا مريئا ، قد بين الله لك ما ذا يفعل بك ، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي) [الفتح : ٥] حتى بلغ : (فَوْزاً عَظِيماً) [الفتح : ٥]. (٧) وذكر الكلبيّ : أنّ الله تعالى لّما أنزل في المؤمنين من كتابه ما أنزل ، وذلك في الحديبية قبل رجوع
__________________
(١) تفسير السمرقندي ٣ / ٢٩٣ ، وزاد المسير ٧ / ١٩٩ ، والبحر المحيط ٩ / ٤٨٢ ، والدر المنثور ٧ / ٤٤٦ عن ابن عباس وابن الزبير.
(٢) البيان في عد آي القرآن ٢٢٩ ، وجمال القراء ٢ / ٥٤٥ ، وإتحاف فضلاء البشر ٥٠٩.
(٣) زيادة من كتب التخريج.
(٤) أخرجه البخاري في الصحيح (٤١٧٧) ، والترمذي في السنن (٣٢٦٢) ، وابن حبان في صحيحه (٦٤٠٩).
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٢٥٥ ، والبخاري في الصحيح (٦٤٧١) ، ومسلم في الصحيح (٢٨١٩) ، وابن ماجه في السنن (١٤١٩).
(٦) وهذا القول عليه الأكثرون. ينظر : الطبري ١١ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ، وتفسير السمعاني ٥ / ١٨٨ ، وزاد المسير ٧ / ١٩٩.
(٧) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ١٣٤ ، والترمذي في السنن (٣٢٦٣) ، والنسائي في الكبرى (١١٥٠٢) ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.