«زعمهم ذلك بعد التبديل والتحريف على قراءة قنبل» (١) وقد قرأ قنبل : هأنتم ، بغير ألف بعد الهاء ، على معنى أأنتم. (٢)
٢ ـ وفي سورة الروم وعند قوله تعالى : (غُلِبَتِ الرُّومُ (٢)) [الروم : ٢] ينقل عن ابن عباس أنه قال : غلبت ، وغلبت. وهاتان قراءتان فالجمهور من القراء على أنها غلبت ، بالضم ، والقراءة الأخرى بالفتح أي : غلبت. (٣)
٣ ـ وعند قول الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) [آل عمران : ٨١] ، يقول : «ولقد صرّح ابن مسعود وقرأ : (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب)» ، (٤) ذلك أنه فسر الآية على القراءة الأولى ، بأن أخذ الميثاق من الأمم وليس من الأنبياء ، واستشهد بهذه القراءة.
ولكنا نجده ينقل قول مجاهد : «حتى ظنّ مجاهد أنّ قراءة ابن مسعود هو لفظ القرآن وأنّ ما انعقد الإجماع من سهو الكاتب» ، ويرد على هذا القول بقوله : «وليس كما ظنّ مجاهد ؛ لأنّ هذا اللفظ يحتمل ما يحتمله لفظ ابن مسعود».
ويذكر ما جاء في مصحف عبد الله بن مسعود ، ومصحف أبي بن كعب ، ومصحف ابن عباس مستدلا على معنى من المعاني التي يريدها أو فسر بها الآية ، ومن الأمثلة على ذلك :
١ ـ فعند تفسيره قول الله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) [آل عمران : ٧] ، يقول : «وفي مصحف عبد الله : (إن تأويله إلا عند الله)» (٥) مستشهدا على أن المعنى لقوله : (تَأْوِيلِهِ) هو مآله ومصيره وما يؤدي إليه ، وأنه هاهنا وقف تام.
٢ ـ وفي معرض الحديث عن قوله تعالى : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [الأعراف : ٤٠] يقول : «وفي مصحف ابن عباس (الجمّل) ، بضم الجيم وتشديد الميم» (٦) ليأتي بمعنى آخر وهو حبل السفينة.
٣ ـ وفي سورة النمل وعند قوله تعالى : (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) [النمل : ٨] ، يستشهد بما في مصحف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب على المعنى الذي قاله : «من في طلب النار» (٧).
__________________
(١) الأصل (٦٧ ظ).
(٢) ينظر : إعراب القراءات السبع وعللها ١ / ١١٤ ، والإقناع ٢ / ٦٢٠.
(٣) درج الدرر ٤٢٩.
(٤) الأصل (٦٨ ظ).
(٥) الأصل (٦٢ و).
(٦) الأصل (١١٢ ظ).
(٧) درج الدرر ٣٨٧.