أما حجة الإمامية فهي :
١ ـ قول الله تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) [الشورى : ١٣] ، ورده بقوله : «بأن المراد بالآية ما بقي من شرائعهم غير منسوخ».
٢ ـ قول الله تعالى : (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) [ق : ٢٩] ، وردّه بقوله : «والآية الأخرى على ما قال الله تعالى ، لكنه في تبديل على وجه البداء دون النسخ ، بدلالة قول الله تعالى : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) [النحل : ١٠١]».
٣ ـ ويجعلون ما تجده منسوخا من الأحكام مؤقّتا بوقت معين مقدّر يعلمه النبيّ أو الوصيّ من بعده ، فينتهي بانتهاء وقته من غير نسخ. والجواب عليه هو «ولو كان توقيت القبلة يعلمه النبي صلىاللهعليهوسلم لما كان لتقلب وجهه في السماء معنى».
٤ ـ يفسرون الآية بانتساخ القرآن من اللوح المحفوظ. وجوابه عليه : «وتأويل النسخ بالانتساخ خطأ ، بدليل ما تلونا من قوله : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) [النحل : ١٠١] ، وقول الله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) [الرعد : ٣٩]».
ثانيا ـ أن الزجاج يأبى نسخ التلاوة مع بقاء المعنى.
وردّ عليه في معرض تعليله هذا النوع من النسخ ، وهو أن التلاوة وحدها تنفرد بحكم غير حكم المعنى ، وهو ترك مسه محدثّا ، وإقامة التحريم بها ، فلم يقف نسخها على نسخه.
ثالثا ـ أن بعض الزيدية زعم أنه لا ينسخ الحكم مع بقاء التلاوة.
ورد هذا بقوله : «وهو غير صحيح ، لأن أحدهما لا يقف على نسخ الآخر» وجاء بمثال على ذلك ألا وهو : «وقد أجمع أهل الإسلام على أن قوله : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)) [الكافرون : ٦] ، منسوخ بآية السيف».
أما منهجه في الآيات الناسخة والمنسوخة ، فهو كالآتي :
١ ـ يذكر أن هذه الآية ناسخة لآية أخرى : فعندما يتحدث عن قوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ) [آل عمران : ٨٥] ، يقول : وهي ناسخة لقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) [البقرة : ٦٢] ، في رواية علي بن طلحة عن ابن عباس ، ويصح الجمع بينهما. (١).
٢ ـ يورد قولا بنسخ آية ويرده : ومثال ذلك عند ما نقل عن الكلبي في قوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) [آل عمران : ٩٢] ، فيرد هذا القول بقوله : «وليس كذلك ، لأنه لا تنافي بينهما إذ الزكاة إنفاق من بعض المحبوب» (٢). وكذلك في سورة النحل نجده يورد قولا ولا يذكر القائل أو أنه قول لأحد ، فعند قوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) [النحل : ١٢٥] ، يقول : «الآية
__________________
(١) الأصل (٦٩ و).
(٢) الأصل (٦٩ و).