سورة الفيل
مكيّة. (١)
وهي خمس آيات بلا خلاف. (٢)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
لم تزل (٣) مكّة محروسة ممنوعة منذ نزلتها قريش ، لم يظفر بها أحد ، وقد قصدها تبّع في الزّمان الأوّل ، فحذرته اليهود ، فرجع عن رأيه ، وكسا البيت الأنطاع (٤) ، وآمن برسول الله عليهالسلام في أصلاب الآباء ، (٥) ولكنّ الله تعالى جعل بأصحاب الفيل (٣٢٦ ظ) ما صاروا به عبرة (٦) للعالمين ليكون ذلك من مقدّمات إعجاز رسول الله صلىاللهعليهوسلم مثل خمود النّيران ، وسقوط الإيوان ، ورؤيا الموبذان ، وهذه سنّة الله في أنبيائه ؛ لأنّ الله لّما أراد أن يظهر عيسى عليهالسلام أظهر آياته في مريم عليهاالسلام ، فولد رسول الله سنة الفيل بعد الوقعة بخمسين ليلة ، (٧) ولم تزل قريش وأهل الحجاز قاطبة من يومئذ يؤرّخون كتبهم من عام الفيل (٨) حتى كانت سنة الفجار الأول ، فمنهم من أرّخ كتبهم منها ، ومنهم من أرّخ كتبهم سنة الفيل ، ثمّ أرّخت كتبها من سنة بناء الكعبة ، حتى أرّخ المسلمون من سنة الهجرة (٩).
١ ـ و (أصحاب الفيل) : هم الحبشة الذين كانوا قد ملكوا بلاد اليمن ، وطردوا منها ذا يزن. والفيل : دابّة عظيمة يعتلف بخرطومه ، وناباه قرناه ، وتسمّى أنثاه العثيوم. (١٠)
٢ ـ (فِي تَضْلِيلٍ) : ضلال ، وهو الهلاك. (١١)
٣ ـ (أَبابِيلَ) : جماعات في تفرقة (١٢) لا واحد لها (١٣). وقيل : واحدها إبّيل قياسا (١٤) لا
__________________
(١) تفسير الماوردي ٤ / ٥١٥ ، زاد المسير ٨ / ٣٢١ ، وتفسير القرطبي ٢٠ / ١٨٧ ، والدر المنثور ٨ / ٥٦٨ عن ابن عباس.
(٢) البيان في عد آي القرآن ٢٨٩.
(٣) ك : (أَلَمْ تَرَ).
(٤) الأنطاع : جمع نطع ، والنطع : بساط من أديم. القاموس المحيط ١ / ٩٩١.
(٥) جاء في الكشاف ٤ / ١٢ ، وتفسير القرطبي ١٥ / ١٥ : أنه تبع الأكبر هو الذي آمن برسول الله ، أما في المعارف لابن قتيبة ٦٣١ فهو تبع الأوسط.
(٦) أ : أصابه غيره.
(٧) ينظر : البدء والتاريخ ٤ / ١٣١ ، وتفسير القرطبي ٢٠ / ١٩٤.
(٨) تاريخ خليفة بن خياط ٥٠ ، وتاريخ الطبري ، والكامل في التاريخ ١ / ١٣.
(٩) والذي أرخ بهذا التاريخ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، ينظر : الكامل في التاريخ ١ / ١٣.
(١٠) ينظر : الحيوان ٧ / ١١٨ و ٧ / ١٦٩ ، ٧ / ٢٣٤.
(١١) ينظر : لسان العرب ١١ / ٣٩٣.
(١٢) غريب القرآن للسجستاني ٨٧ ، وتفسير السمعاني ٦ / ٢٨٥ عن أبي عبيدة.
(١٣) تفسير الماوردي ٤ / ٥١٥ ، زاد المسير ٨ / ٣٢١ ، وتفسير القرطبي ٢٠ / ١٨٧ ، والدر المنثور ٨ / ٥٦٨ عن ابن عباس.
(١٤) البيان في عد آي القرآن ٢٨٩.