سورة آل عمران
مدنية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الم (١) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢))
(الم) [١] بفتح المميم وصلا لالتقاء (١) الساكنين تخفيفا وهما الميم ولام التعريف وبسكون الميم وقفا والابتداء بما بعدها (٢) ، وذلك مروي عن عاصم ، الله اللطيف المجيد هو (اللهُ) الذي (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [٢] أي الذي يبقى أبدا ويقوم على تدبير خلقه بالرزق والأجل.
(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٤))
(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) أي القرآن بجبرائيل بالتشديد للتكثير لنزوله نجوما (بِالْحَقِّ) أي لبيان (٣) الحق أو بالصدق (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أي في حال كونه مصدقا للكتب قبله (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ) على موسى عليهالسلام (وَالْإِنْجِيلَ) [٣] على عيسى عليهالسلام (مِنْ قَبْلُ) أي قبل هذا الكتاب والتورية ، بفتح الراء وإمالتها (٤) ، فوعلة من ورى الزند إذا ظهرت ناره ، وسمي بذلك لظهور الحق به ، والإنجيل إفعيلة من نجلت الشيء إذا رميت به ، وسمي به لرميه الباطل وإبعاده عن عباد الله قوله (هُدىً لِلنَّاسِ) نصب على الحال من الكتابين ولم يثن ، لأنه مصدر في معنى الصفة ، أي هاديين لجميع الناس من موسى وعيسى ومن تابعهما (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) أي جنس الكتاب الفارق بين الحق والباطل ، ذكره بالتفصيل والإجمال بعده للتفخيم والتفضيل أو المراد به القرآن ، كرره لتفضله على جميع الكتب لكونه معجزا فارقا باقيا إلى آخر الدهر (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) أي بالقرآن ومعجزات النبي عليهالسلام (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) في الدنيا وفي الآخرة ، نزل في شأن المشركين من العرب (٥)(وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) [٤] أي ذو عقوبة شديدة لا يقدر على مثلها أحد لمن عصاه.
(إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥))
(إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ) من الأشياء (فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) [٥] أي مدرك للأشياء (٦) كلها ، يعني هو مطلع على كفر من كفر به وإيمان من آمن به وعلى جميع أعمالهم ، فيجازيهم يوم القيامة.
__________________
(١) لالتقاء ، ب م : للالتقاء ، س.
(٢) «الم الله» : مدها لازم ، وقرأ جميع القراء باسقاط همزة الجلالة وصلا وتحريك الميم بالفتح تخلصا من التقاء الساكنين ، وإنما اختير التحريك بالفتح هنا دون الكسر مع أن الأصل فيما يحرك للتخلص من الساكنين أن يكون تحريكه بالكسر مراعاة لتفخيم لفظ الجلالة ولخفة الفتح ، ويجوز لكل القراء حالة الوصل وجهان المد نظرا للأصل وعدم الاعتداد بالعارض والقصر اعتدادا بالعارض ، وقرأ أبو جعفر بالسكت من غير تنفس علي ألف ولام وميم ، ويترتب علي هذا السكت لزوم المد الطويل في ميم وعدم جواز القصر فيه ، لأن سبب القصر وهو تحرك ميم قد زال بالسكت كما يترتب عليه إثبات همزة الوصل حالة الوصل. البدور الزاهرة ، ٥٨.
(٣) لبيان ، ب م : ببيان ، س.
(٤) أخذ المفسر هذه القراءة عن السمرقندي ، ١ / ٢٤٤.
(٥) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ١ / ٢٤٤.
(٦) للأشياء ، ب م : ـ س.