سورة البقرة
مدنية ، قيل يجوز أن يقال : «قرأت البقرة وسورة البقرة» لورود العبارتين في الأحاديث (١) ، وقيل : إطلاق البقرة إذا ضم إليها ما لم يشكل به كالإنزال والقراءة دون المس والنظر (٢).
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الم (١))
(الم) [١] قيل : هو سر بين الله ورسوله لا يعلم إلا بنور النبوة (٣) ، وقيل : من المكتوم الذي لا يفسر وفائدته الإيمان به (٤) ، وقيل : إنه قسم ، أقسم الله به أن القرآن هو الكتاب الذي أنزل من عنده على محمد رسوله بجبرائيل (٥) ، يعني ليس من تلقاء نفسه ، وقيل : كل حرف من الحروف المقطعة في أوائل السور مفتاح اسم من أسمائه الحسنى ، فمعنى (الم) الله اللطيف المجيد أنزل عليك الكتاب الموعود في التورية والإنجيل (٦).
وهي آية عند الكوفية بالعلم التوقيفي ، وكذا سائر الفواتح خلافا للبصرية ، وهي أسماء حقيقة ، حروف مجازا ، لأنه حكي عن الخليل أنه قال لأصحابه : كيف تلفظون بالكاف في لك (٧) والباء في ضرب؟ فقالوا : كاف ، با ، فقال : قلتم بالاسم لا بالحرف ، وأنا أقول كه ، به (٨) ، فدل ذلك على اسميتها ، وإنما لم تعرب لعدم العامل فيها ، ولا محل من الإعراب عند من لم يجعلها أسماء للسورة كالجملة المبتدأة ، وعند غيره يجوز الرفع إما على الابتداء أو على الخبرية ، والنصب على حذف حرف الجر وإعمال فعل القسم فيها ، والجر لصحة القسم بها باضمار حرف الجر ، وتقديره فيها كما قيل في قولهم الله لأفعلن بالنصب والجر على اللغتين (٩) ، وسكونها وقف وليس ببناء ، وإلا لكان ككيف وأين ، كأنه قال : أقسم بهذه السورة (١٠).
(ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢))
(ذلِكَ) أي هذا (الْكِتابُ) أي الكامل الذي وعدته بانزاله ، وانما أشار بذلك إلى ما ليس ببعيد ، لإن الكتاب من حيث كونه موعودا ، قيل : يجوز أن يكون (الم) مبتدأ عند من جعله اسما و (ذلِكَ)(١١) مبتدأ ثانيا ، و (الْكِتابُ) خبره ، والجملة خبر المبتدا الأول وأن يكون (الم) خبر (١٢) مبتدأ محذوف ، أي هذه الم ، و (ذلِكَ)(١٣) خبرا ثانيا ، و (الْكِتابُ) صفته ، وأن يكون (الم) جملة بمعنى هذه الم ويكون (١٤)(ذلِكَ) مبتدأ ،
__________________
(١) نقله المؤلف عن الكشاف ، ١ / ١٦٠.
(٢) ولم أجد له مرجعا في المصادر التفسيرية التي راجعتها. قال الزمخشري في تفسيره : «وإذا قيل قرأت البقرة لم يشكل أن المراد سورة البقرة ...». انظر الكشاف ، ١ / ١٦٠.
(٣) أخذ هذا الرأي عن القرطبي ، ١ / ١٥٤.
(٤) نقله عن البغوي ، ١ / ٣٣.
(٥) قال الكلبي نحوه ، انظر السمرقندي ، ١ / ٨٧.
(٦) نقل المؤلف هذا الرأي عن السمرقندي ، ١ / ٨٧.
(٧) لك ، ب س : ذلك ، م.
(٨) انظر الكشاف ، ١ / ١٨.
(٩) علي اللغتين ، ب م : علي اللغتين كأنه قال أقسم بهذه السورة ، س.
(١٠) كأنه قال أقسم بهذه السورة ، ب م : ـ س.
(١١) اسما و «ذلك» ، س م : اسما يكون «ذلك» ، ب.
(١٢) وأن يكون «الم» خبر ، م س : وعلي جواز كونه خبر ، ب.
(١٣) الم و «ذلك» ، س م : الم يكون و «ذلك» ، ب.
(١٤) وأن يكون «الم» جملة بمعنى هذه الم ويكون ، س م : وعلي جواز نصبه وجره يكون ، ب.