وكفرهم (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) أي القادر على الانتقام من العاصي (الْحَكِيمُ) [١١٨] في فعلك من الإثابة والعقوبة ، فانك لا تفعل شيئا إلا عن حكمة وصواب ، لأن المغفرة حسنة لكل مجرم في العقل (١) وإن لم يكن في الشرع.
(قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١٩))
(قالَ اللهُ) مخبرا عن كلامه لعيسى بالسؤال الذي تقدم ذكره (هذا) أي هذا الكلام الذي بيني وبين عيسى واقع (يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) بالنصب ظرف للخبر المحذوف ل (هذا) ، وبالرفع (٢) خبر (هذا) ، ولم يبن لإضافته إلى معرب ، أي هذا اليوم يوم ينفع الصادقين صدقهم المستمر بهم (٣) في الدنيا والآخرة كصدق عيسى وغيره من الأنبياء والمؤمنين (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) بصدقهم وطاعتهم (وَرَضُوا عَنْهُ) بالمغفرة وإدخالهم الجنة برحمته (ذلِكَ) أي الثواب المذكور (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [١١٩] أي الظفر الكبير للمؤمنين الصادقين.
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٢٠))
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ) من الخلق ، ف (ما) عام ، يتناول العقلاء وغيرهم من الأجناس كلها ، فهو الأحق بالألوهية والعبادة له وحده لا كما زعم المشركون أن عيسى إله أو ابن الإله (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [١٢٠] من الإيجاد والإعدام كما يشاء ، وخلق عيسى بنفخ الروح من غير أب كخلق آدم بلا أب وأم.
__________________
(١) في العقل ، س م : من العقل ، ب.
(٢) «يوم» : قرأ نافع بفتح الميم ، والباقون برفعها. البدور الزاهرة ، ٩٩.
(٣) بهم ، ب م : به ، س.