والتاء (١) ، إن الآخرة خير من الدنيا للمتقين دون العاصين.
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠))
قوله (حَتَّى) متعلقة بمحذوف ، دل عليه سياق الكلام ، كأنه قيل وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا ، فتراخى نصرهم واستبطأ حتى (إِذَا اسْتَيْأَسَ) أي أيس (الرُّسُلُ) من إيمان قومهم أو طلبوا علم فلاح قومهم (وَظَنُّوا) أي وخطر في بالهم (أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) بالتخفيف والتشديد» (٢) ، أي أيقنوا في أنفسهم أنهم كذبهم قومهم بحيث لا يرجى بعده إيمانهم (جاءَهُمْ نَصْرُنا) أي جاء الرسل عوننا فجأة من غير احتساب (فَنُجِّيَ) بنون واحدة مشددة مجهولا ، فعل ماض من التنجية فالقائم مقام الفاعل (مَنْ نَشاءُ) من المؤمنين وبنونين مخففا معلوما مستقبلا من الإنجاء (٣) ، أخبر تعالى عن نفسه ف (مَنْ نَشاءُ) منصوب بأنه مفعول له ، أي فنخلص من نشاء من عذاب الكفار وهم المؤمنون بدليل قوله (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) أي عذابنا (عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [١١٠] أي المشركين.
(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١))
(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ) أي في قصة يوسف وإخوته أو في قصة الرسل (عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) أي لذوي العقول لكي لا يحسد أحد أحدا أو لمن يعتبر بيوسف ويقتدي به ويكافئ أحدا بسيئة ، وقيل : العبرة الدلالة على نبوة محمد عليهالسلام لمن أراد أن يؤمن به (٤)(ما كانَ) هذا القرآن (حَدِيثاً) أي كلاما (يُفْتَرى) به يختلق من أحد (وَلكِنْ) كان القرآن وما ذكر فيه (تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب السماوية (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ) أي كان القرآن بيان كل شيء ، يحتاج إليه العباد من الحلال والحرام والأمر والنهي (وَهُدىً) أي وإرشادا من الضلالة (وَرَحْمَةً) أي وأمانا من العذاب (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [١١١] أي يصدقون به ويعملون بما فيه.
__________________
(١) «تعقلون» : قرأ المدنيان والشامي وعاصم ويعقوب بتاء الخطاب والباقون بياء الغيبة. البدور الزاهرة ، ١٦٨.
(٢) «كذبوا» : خفف الذال الكوفيون وأبو جعفر وشددها الباقون. البدور الزاهرة ، ١٦٨.
(٣) «فنجي» : قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب بنون واحدة مضمومة وبعدها جيم مشددة وبعد الجيم ياء مفتوحة والباقون بنونين : الأولى مضمومة والثانية ساكنة وبعد الثانية جيم مخففة وبعد الجيم ياء ساكنة مدية. البدور الزاهرة ، ١٦٨.
(٤) أخذه عن السمرقندي ، ٢ / ١٨٠.