سورة الأعراف
كلها مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(المص (١))
(المص) [١] أي أنا الله اللطيف المجيد الصادق في قوله ، نزل نهيا للنبي عليهالسلام عن اتباع المشركين في أهوائهم وتحذيرا من مثل حالهم (١) ، وفيه تسلية له عليهالسلام (٢) ليصبر على أذاهم.
(كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢))
(كِتابٌ) أي هذا الكتاب أو المراد هذه السورة (أُنْزِلَ إِلَيْكَ) محله رفع ، صفة «كِتابٌ» (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) أي ضيق من تكذيبهم به أو شك في أنه من الله أو من تبليغ الكتاب توجه النهي إلى الحرج ظاهرا ، وفي الحقيقة إلى المخاطب بمعنى لا تتحرج (لِتُنْذِرَ بِهِ) أي لتخوف بالكتاب ، متعلق ب (أُنْزِلَ) أو بالنهي ، لأن المؤمن (٣) الموقن جسور بالتوكل على الله للإنذار ، المعنى : أنه أنزل إليك الكتاب (٤) لتنذر به أهل مكة فلا يكن في صدرك حرج (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ)(٥)(وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) [٢] رفع ، عطف على (كِتابٌ) أو نصب فعله محذوف ، عطف على (لِتُنْذِرَ) ، أي لتنذر وتذكر تذكيرا أو جر عطف على محل «تنذر» ، أي أنزل للإنذار والذكرى لمن آمن به ، والتذكير والذكرى واحد.
(اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٣))
(اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) من القرآن ، أي على نبيكم الذي يقرأه عليكم واعملوا به (وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ) أي من دون الله (أَوْلِياءَ) أي أصدقاء وأربابا من الشياطين والأصنام ، يعني لا تعبدوا غير الله (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) [٣] بتخفيف الذال وتشديدها ، وبالياء والتاء معا (٦) ، يعني يتذكرون ، و (ما) زائدة لتأكيد القلة ، أي لا تتعظون شيئا ، ونصب (قَلِيلاً) بما بعده من الفعل.
(وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٤))
ثم قال تهديدا لكفار مكة (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) أي وكثير من القرى أردنا إهلاكهم ، ف (كَمْ) مبتدأ ، و (مِنْ قَرْيَةٍ) صفته ، وصفته «أَهْلَكْناها» (فَجاءَها بَأْسُنا) أي عذابنا بعد تكذيب الرسل (بَياتاً) أي ليلا كقوم لوط أهلكوا وقت السحر ، وهو مصدر سمي به الليل ، لأنه يبات فيه كما يسمى البيت بيتا (٧) ، لأنه يبات فيه
__________________
(١) ولم أجد له أصلا في المصادر التي راجعتها.
(٢) تسلية له عليهالسلام ، ب م : تسلية للنبي عليهالسلام ، س.
(٣) المؤمن ، س : ـ ب م.
(٤) الكتاب ، م : ـ ب س.
(٥) الشورى (٤٢) ، ٤٨.
(٦) «تذكروا» : قرأ الشامي بياء قبل التاء مع تخفيف الذال ، وقرأ الأخوان وخلف وحفص بحذف الياء وتخفيف الذال ، والباقون بحذف الياء وتشديد الذال. البدور الزاهرة ، ١١٤.
(٧) بيت ، ب م : بياتا ، س.