سورة الروم
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣))
قوله (الم [١] غُلِبَتِ الرُّومُ) [٢] بضم الغين وسيغلبون بفتح الباء وهو القراءة المشهورة (١)(فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) أي أقربها إلى عدوهم وهي أرض العرب ، لأنها هي المعهودة عندهم من الأرض ، والتعريف للعهد وهي أطراف الشام (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) أي الروم بعد أن غلبوا من فارس (سَيَغْلِبُونَ) [٣] فارس.
(فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥))
(فِي بِضْعِ سِنِينَ) نزل حين احتربت الروم وفارس بين أذرعان وبصرى ، فغلبت فارس الروم فبلغ الخبر مكة فشق ذلك على النبي عليهالسلام وأصحابه ، لأن فارس مجوس لا كتاب لهم والروم أهل كتاب ، وفرح المشركون وعيروا المسلمين بأنكم والنصارى أهل كتاب ونحن وفارس أميون ، فظهر إخواننا على إخوانكم ولنظهرن نحن عليكم ، فسمع أبو بكر رضي الله عنه قولهم وقال لا يقرر الله أعينكم فو الله ليظهرن الروم على فارس فراهنه أبي بن خلف على عشر قلائص من كل واحد منهما وجعلا الأجل ثلاث سنين ، فأخبر أبو بكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك فقال بعد نزول الآية ، إنما البضع ما بين الثلث إلى التسع فزائده في الخطر وهو ما يتراهن عليه وماده في الأجل فجعل المراهنة على مائة قلوص إلى تسع سنين ، فمات أبي من طعنة النبي عليهالسلام ثم غلبت الروم فارس يوم الحديبية أو بدر فأخذ أبو بكر الرهن من ورثة أبي وكان هذا قبل تحريم القمار (٢)(لِلَّهِ الْأَمْرُ) أي أمر الغالبية والمغلوبية لله ، أي بقضائه ومشيته (مِنْ قَبْلُ) أي من قبل كونهم غالبين وهو وقت كونهم مغلوبين (وَمِنْ بَعْدُ) أي من بعد (٣) كونهم مغلوبين وهو وقت كونهم غالبين ، فلما حذف المضاف إليه منهما بنيا على الضم (وَيَوْمَئِذٍ) أي يوم تغلب (٤) الروم فارس (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ [٤] بِنَصْرِ اللهِ) الروم على فارس وتغليبه (٥)(يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) من أهل الكتاب والأميين تارة وتارة (وَهُوَ الْعَزِيزُ) بالانتقام من الأعداء (الرَّحِيمُ) [٥] بنصر الأولياء.
(وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦))
قوله (وَعْدَ اللهِ) مصدر مؤكد ، أي وعد الله ذلك وعدا لأن ما تقدم ذكره في معنى «وعد» (لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ) بنصره الروم على فارس (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أي الكفار (لا يَعْلَمُونَ) [٦] أي لا يصدقون.
__________________
(١) هذه القراءة مأخوذة عن الكشاف ، ٥ / ٢.
(٢) قد أخذه المؤلف عن الكشاف ، ٥ / ٢ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٣ ـ ٤ ؛ والبغوي ، ٤ / ٣٨٨ ـ ٣٨٩.
(٣) أي من بعد ، و : أي بعد ، ح ي.
(٤) تغلب ، ح ي : يغلب ، و.
(٥) وتغليبه ، ح ي : ويغلبه ، و.