سورة السجدة
مكية
وتسمى سورة المضاجع
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢))
(الم) [١] خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ بناء على أنه اسم السورة ، خبره (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) قيل : الأوجه أن يكون (تَنْزِيلُ) مبتدأ (١) ، قوله (لا رَيْبَ فِيهِ) اعتراض بين المبتدأ وخبره وهو (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) [٢] فلا محل له من الإعراب ، والضمير في (فِيهِ) راجع إلى مضمون الجملة ، أي لا شك عند العاقل في أنه منزل من رب الخلق وكونه أوجه بشهادة.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣))
قوله (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) أي اختلق القرآن محمد لأنه إنكار لكونه من رب العالمين ، ويؤكده قوله (بَلْ هُوَ الْحَقُّ) أي القرآن حق ثابت (مِنْ رَبِّكَ) لأنه إضراب عن الإنكار وتقرير لأنه من عند الله (لِتُنْذِرَ قَوْماً) هم العرب (ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ) أي لم يأتهم نذير (مِنْ قَبْلِكَ) لأن العرب لم يبعث إليهم أحد قبل النبي عليهالسلام فلم يلزمهم الحجة بالرسالة التي توجب الشرائع ، بل يلزمهم الحجة بالدلالة العقلية على معرفة الله وتوحيده ، لأنهم كانوا عقلاء ومعهم أدلة العقل الموصلة إلى ذلك في كل زمان (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) [٣] أي لإرادة اهتدائهم فيستعار لفظ الترجي للإرادة.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤))
(اللهُ) رفع بأنه خبر مبتدأ محذوف وهو هو ، أي رب العالمين الله (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) من السحاب وغير ذلك (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ليدل على التأني ولو شاء لخلقها في ساعة واحدة (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) أي علا فوق العرش من غير استقرار عليه (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ) أي دون عذابه (مِنْ وَلِيٍّ) أي ناصر ينصركم (وَلا شَفِيعٍ) يشفع لكم إذا خالفتموه أو المعنى : أن الله ناصركم وشفيعكم ، أي معينكم بطريق المجاز إذا أطعتموه (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) [٤] أي ألا تتعظون بما ذكره من صنعه فتوحدونه.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥))
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أي المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة وغير ذلك وينزله أو ينزل الوحي المدبر (مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) بالملك وهو جبرائيل (ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) أي يرجع إلى مقره منها (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [٥] من أيامكم لأن المسافة فيه مسيرة ألف سنة في الهبوط والصعود بتعدادكم ، لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام وهو يوم من أيامكم لسرعة جبرائيل بتقويتنا ولا يشكل ب (يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ
__________________
(١) أخذ المؤلف هذا الرأي عن الكشاف ، ٥ / ٢٥.