عليها (١) ، وقيل : «أكاد» صلة (٢) ، وقيل : «إنه بمعنى أريد» (٣) ، قوله (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ) علة للإخفاء ، أي أخفيها لتجزي كل نفس (بِما تَسْعى) [١٥] أي بعملها من خير وشر.
(فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦) وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧))
(فَلا يَصُدَّنَّكَ) يا موسى (عَنْها) أي عن الإيمان بها (مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها) من الكفار (وَاتَّبَعَ هَواهُ) في عبادة غير الله تعالى ومخالفة أمره (فَتَرْدى) [١٦] أي فتهلك إن صددت عنها ، قيل : الردي الموت والهلاك (٤) ، والمراد بهذا النهي الأمر بالاستقامة في الدين ، وهو خطاب له والمراد غيره ، ثم سأل الله عما في يده من العصا لإزالة الوحشة عن موسى لأنه كان خائفا فاستأنس (٥) بسؤاله ولتنبيهه على منافعها وللتقرير أنه عصا حتى لا يخاف إذا صارت ثعبانا ويعلم أنها معجزة عظيمة فقال (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) [١٧] أي أي شيء (٦) هذه أو التي بيدك وكان عالما بما في يده ولكن الحكمة في سؤاله ما ذكرنا.
(قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨))
(قالَ) موسى (هِيَ عَصايَ) فقال (٧) : ما تصنع بها مريدا أن ينضم إقراره بلسانه إلى معرفته بقلبه قال (أَتَوَكَّؤُا) أي أعتمد (عَلَيْها) إذا عييت أو عند الوثبة (وَأَهُشُّ) أي وأخبط (٨)(بِها) ورق الشجر (عَلى غَنَمِي) لتأكله (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) [١٨] جمع مأربة وهي الحاجة وهي أنه يحمل عليها زاده وسقاءه وتماشيه وتحدثه ويضرب بها الأرض ، وكان لها (٩) شعبتان وفي أسفلها سنان فيخرج ما يأكل يومه ويخرج الماء ويركزها فتورق وتحمل أي ثمرة أحب وربما يدليها في البئر وتصير (١٠) شعبتاها كالدلو فيخرج الماء وتضيء بالليل كالشمس وتحارب عنه وتطرد الهوام ويستظل بها إذا قعد ، وكان عصا موسى اثني عشر ذراعا بذراعه من عود آس من شجر الجنة استودعها عند شعيب ملك من الملائكة في صورة إنسان.
(قالَ أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (٢٠) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (٢١))
(قالَ) الله تعالى (أَلْقِها) أي عصاك من يدك (يا مُوسى [١٩] فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ) عظيمة صفراء من أعظم ما يكون من الحيات وهي جنس تعم الذكر والأنثى والصغير والكبير ، فربما تكون جانا وهو الخفيف من الحيات وتكون (١١) ثعبانا وهو عظيمها (تَسْعى) [٢٠] أي تسرع وتنسل على بطنها رافعة رأسها وراءها وعيناها تتقدان كالنار تبتلع كل حجر وشجر تمر به ويسمع لأنيابها صريفا شديدا ، فهرب موسى منها خائفا فثم (قالَ) تعالى لموسى (خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) [٢١] أي سنجعلها عصا كما كانت أول مرة والسيرة الطريقة التي يكون عليها الإنسان غريزية كانت أو مكتسبة ، فكشف عن يده بأمر الله تعالى ولف كم مدرعته على يده وأدخلها في فمها فصارت عصا وهي ظرف لقوله (سَنُعِيدُها) ، وأراه هذه الآية لئلا (١٢) يخاف عند فرعون إذا انقلبت حية.
(وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (٢٣))
ثم أراه آية أخرى فقال (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) أي إلى جنبك (١٣) تحت العضد (تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ
__________________
(١) اختصره المؤلف من البغوي ، ٤ / ٧.
(٢) نقله المفسر عن البغوي ، ٤ / ٧.
(٣) عن الأخفش ، انظر البغوي ، ٤ / ٧.
(٤) قد أخذه المصنف عن السمرقندي ، ٢ / ٣٣٨.
(٥) فاستأنس ، و : فآنس ، ح ي ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٣٣٨.
(٦) شيء ، ح ، ي : ـ و.
(٧) و ، + ح ي.
(٨) أي وأخبط ، و : أي أخبط ، ح ي.
(٩) لها ، ح ي : له ، و.
(١٠) وتصير ، و : ويصير ، ح ي ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٤ / ٨.
(١١) وتكون ، وي : ويكون ، ح.
(١٢) لئلا ، و : كيلا ، ح ي ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٤ / ٩.
(١٣) أي إلى جنبك ، ح : أي جنبك ، وي.