(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ) أي كذاب (أَثِيمٍ) [٧] أي كثير الإثم وهو النضر بن الحارث.
(يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩))
(يَسْمَعُ آياتِ اللهِ) صفة «أَثِيمٍ» (تُتْلى) أي تقرأ (عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ) أي يقيم (مُسْتَكْبِراً) أي معرضا متكبرا عن الإيمان بعد سمعه وفهمه ، و (ثُمَّ) فيه للاستبعاد ، يعني ليس شأن آيات القرآن العظيم أن يصره من يسمعها على الضلالة (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها) أي كأنه ، يعني كأن الشأن لم يسمع تلك الآيات من القرآن ، فان ذلك مستبعد في العقول ، وهو في محل النصب على الحال ، أي يصر على كفره مثل غير السامع (فَبَشِّرْهُ) يا محمد (بِعَذابٍ أَلِيمٍ [٨] وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا) أي إذا سمع من آيات القرآن (شَيْئاً) وعلمه (اتَّخَذَها) أي اتخذ جميع الآيات (هُزُواً) أي سخرية لمبالغته في كفره (١) ويقول هذا مثل حديث رستم وإسفنديار (أُولئِكَ) أي هو وأمثاله الأفاكون (لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) [٩] يهانون فيه.
(مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠))
(مِنْ وَرائِهِمْ) أي أمامهم (جَهَنَّمُ) أي من بعدهم جهنم ، والوراء ما توارى (٢) عنك من خلف أو قدام (وَلا يُغْنِي) أي لا ينفع (عَنْهُمْ ما كَسَبُوا) من الأموال (شَيْئاً وَلا) ينفعهم أيضا (مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ) أي من (٣) الأصنام (أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [١٠] في الآخرة.
(هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١))
(هذا) أي هذا (٤) القرآن (هُدىً) أي بيان من الضلالة أو سبب الهداية أو كامل فيها (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) أي آيات القرآن (لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) [١١] بالرفع والجر (٥) ، أي من أشد العذاب الوجيع في الآخرة.
(اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣))
قوله (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ) أي ذلل (لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ) أي باذنه من الله لنعمه للناس لعلهم يعتبرون فيؤمنون (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي لتطلبوا من رزقه (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [١٢] هذه النعم (وَسَخَّرَ) أي ذلل (لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) وهو نصب على الحال بعد الحال ، أي كائنة من رحمته وقدرته لصلاحكم ومنفعتكم كنور الشمس والقمر والنجوم والبر (٦) والبحر والجبال والمياه والدواب والنبات (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي فيما ذكر (لَآياتٍ) أي لدلائل واضحات (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [١٣] فيوحدونه ويعتبرون في صنعه.
(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤))
(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا) أي قل لهم اغفروا يغفروا (لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) أي وقائعه بهم ، يعني لا يخافون عقوبات أيام الأمم الماضية قبلهم كعاد وثمود وفرعون ، المعنى : قل للمؤمنين أن يكفوا عن أذى المشركين ، وذلك حين شتم رجل من كفار قريش عمر رضي الله عنه بمكة فهم عمر رضي الله عنه والأصحاب أن يعاقبوه فأمره الله أن يتجاوز عنه وكان ذلك أن يؤمر النبي عليهالسلام بالقتال (لِيَجْزِيَ) بالياء معلوما ، أي
__________________
(١) لمبالغته في كفره ، وي : لمبالغة كفره ، ح.
(٢) توارى ، ح و : يواري ، ي.
(٣) أي من ، و : من ، ي ، أي ، ح.
(٤) هذا ، ي : ـ ح و.
(٥) «أليم» : رفع الميم المكي ويعقوب وحفص ، وخفضها غيرهم. البدور الزاهرة ، ٢٩٣.
(٦) والبر ، وي : ـ ح.