والنصب (١)(لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي) أي ما نعرف (مَا السَّاعَةُ) أي أي شيء القيامة والبعث (إِنْ نَظُنُّ) أي ما نظن بالبعث والجزاء (إِلَّا ظَنًّا) غير يقين ، والأصل نظن ظنا ، ومعناه مجرد إثبات الظن لهم فأدخل (٢) فيه حرف النفي وإلا ليفيد إثبات الظن مع نفي ما سواه ، ثم قال (وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) [٣٢] بأنها كائنة تأكيدا للاستثناء.
(وَبَدا) أي ظهر (لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) أي عقوباته (وَحاقَ) أي نزل (بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [٣٣] وهو العذاب بعد
الموت ، لأنهم استهزؤا أنه غير نازل بهم.
(وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٣٤))
(وَقِيلَ) أي قالت الخزنة لهم (الْيَوْمَ نَنْساكُمْ) أي كما نترككم في النار كالشيء المنسي لا يلتفت إليه (كَما نَسِيتُمْ) أي كما تركتم العمل (لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) أي لحضوره في هذا اليوم ، وإضافة ال (لِقاءَ) إلى ال «يوم» كاضافة مكر الليل والنهار ، يعني كما نسيتم لقاء الله في يومكم هذا (وَمَأْواكُمُ النَّارُ) أي مثويكم ومقركم نار جهنم (وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) [٣٤] يدفعون عنكم العذاب.
(ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٣٥))
(ذلِكُمْ) أي هذا العذاب النازل بكم (بِأَنَّكُمُ) أي بسبب أنكم (اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ) أي القرآن (هُزُواً) أي سخرية فلم تؤمنوا بها (وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) أي زينتها (فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ) بضم الياء مجهولا وفتحها معلوما (٣)(مِنْها) أي من النار (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) [٣٥] أي لا يطلب منهم أن يرضوا ربهم بالطاعة لعدم التوبة ثمه والرجوع إلى الدنيا.
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٦))
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ) أي فيقول المؤمنون عند ذلك لله جميع المحامد وآثار الحمد والثناء (رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ) بدل من «الله» (رَبِّ الْعالَمِينَ) [٣٦] بدل آخر لتقرير الحمد له تعالى بمعنى أن مثل هذه الربوبية يوجب الحمد والثناء على كل مربوب.
(وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣٧))
(وَلَهُ) أي ولله (الْكِبْرِياءُ) أي العظمة والسلطان (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) حال من (الْكِبْرِياءُ) بمعنى أن آثار كبريائه فيهما فحقه أن يكبروا ويعظم بالطاعة (وَهُوَ الْعَزِيزُ) في ملكه (الْحَكِيمُ) [٣٧] في أمره ، قال النبي عليهالسلام مخبرا عن الله تعالى : «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما أدخلته ناري» (٤).
__________________
(١) «الساعة» : قرأ حمزة بنصب التاء ، والباقون برفعها. البدور الزاهرة ، ٢٩٤.
(٢) فادخل ، وي : مما دخل ، ح.
(٣) «لا يخرجون» : قرأ الأخوان وخلف بفتح الياء وضم الراء ، والباقون بضم الياء وفتح الراء. البدور الزاهرة ، ٢٩٤.
(٤) روى ابن ماجة نحوه ، الزهد ، ١٦ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٥ / ١٢٩.