سورة محمد صلىاللهعليهوسلم
مدنية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١))
قوله (الَّذِينَ كَفَرُوا) مبتدأ ، أي الذين جحدوا بتوحيد الله وبالقرآن (وَصَدُّوا) أي صرفوا نفوسهم وغيرهم من الناس (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي عن دينه أو عن الجهاد ، والخبر (أَضَلَّ) أي أبطل الله (أَعْمالَهُمْ) [١] لأنها كانت لغيره تعالى ، وهي الحسنات التي عملوها في الدنيا ، والآية نزلت في المطعمين على حرب النبي عليهالسلام (١) أو في جماعة كانوا يصدقون الناس عن الدخول في الإسلام (٢).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢))
قوله (وَالَّذِينَ آمَنُوا) مبتدأ ، أي صدقوا بالله تعالى (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي أدوا الفرائض والسنن (وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ) صلىاللهعليهوسلم وهو القرآن الذي أنزله جبرائيل عليهالسلام وأكد ذلك بقوله (وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) أي ليس بمفترى ولا باطل ولا تناقض فيه ، وخبر المبتدأ (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) أي محا عنهم ذنوبهم التي عملوها في الشرك عند توبتهم بايمانهم بمحمد عليهالسلام وطاعتهم الله تعالى فيما يأمرهم من الجهاد وغيره (وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) [٢] أي حالهم بتوفيقه بأن عصمهم أيام حيوتهم ليدخلوا الجنة.
(ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣))
(ذلِكَ) أي الواقع من الإبطال والتكفير للفريقين (بِأَنَّ) أي بسبب أن (الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ) أي الشيطان وشهوات النفوس (وَ) بسبب (أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) أي أصحاب النبي عليهالسلام (اتَّبَعُوا الْحَقَّ) أي القرآن المنزل (مِنْ رَبِّهِمْ) وعملوا به (كَذلِكَ) أي مثل ذلك الضرب ، أي البيان (يَضْرِبُ اللهُ) أي يبين (لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ) [٣] أي صفة أعمالهم من اتباع الحق للمؤمنين واتباع الباطل للكافرين ، يعني يضرب أعمال القريقين لأجل الناس كي يعتبروا.
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤))
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ) أي إذا لقيتم الكافرين في الحرب فاضربوا رقابهم ضربا بالسيف ، حذف الفعل وأضيف المصدر إلى المفعول للاختصار مع التأكيد ، والمراد ب «ضرب الرقاب» القتل وقيده ب «ضرب الرقاب» ، لأنه أغلظ وأشد من لفظ القتل ، المعنى : إذا لقيتموهم فاقتلوهم (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ)
__________________
(١) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ٣ / ٢٣٩ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٥ / ٢٦٠ (عن ابن عباس).
(٢) عن مقاتل ، انظر الكشاف ، ٥ / ٢٦٠ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٢٣٩.