ثم الزكوة ثم الصيام ثم الحج ثم الجهاد (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي جميع ما فيهما من الملائكة والجن والإنس وغيرها جنود الله يسلط بعضها على بعض كما تقتضيه (١) حكمته فلو شاء أن ينصر دينه بغيركم لفعل (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بخلقه (حَكِيماً) [٤] في أمره وصنعه حيث حكم النصرة للمؤمنين.
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً (٥))
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ) أي ليعرفوا نعمة الله في ذلك ويشكروها فيدخلهم ، كرر لام التعليل ، لأن الفتح علة غائية للمغفرة علة غائية للإدخال بمعنى لأجله ، أي فتحنا لك ليغفر لك الله ليدخل المؤمنين (وَالْمُؤْمِناتِ) في (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ) أي يمحو بالتجاوز (عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ) أي دخولهم الجنة والتجاوز عن سيئاتهم (عِنْدَ اللهِ) أي في الآخرة (فَوْزاً عَظِيماً) [٥] أي نجاة وافرة من العذاب.
(وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦))
قوله (وَيُعَذِّبَ) عطف على (لِيُدْخِلَ) ، أي الفتح والمغفرة لك لعذب (الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ) من أهل المدينة (وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ) منهم ، والمراد من ظن (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ) ظنهم ترك الإيمان بالله ورسوله مخافة أن لا ينصرف محمد عليهالسلام (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ) المذمة (٢)(السَّوْءِ) بالضم والفتح (٣) ، أي عاقبة العذاب الشديد والهزيمة ، قيل : (السَّوْءِ) بالفتح غالب فيما يراد ذمه من كل شيء ، (وَالسُّوءَ) بالضم الشر الذي هو نقيض الخير (٤)(وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) أي انتقم منهم بالهزمية (وَلَعَنَهُمْ) في الدنيا بالقتل والطرد من الرحمة (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ) جهنم في الآخرة (وَساءَتْ) جهنم (مَصِيراً) [٦] أي مرجعا ومقاما لهم يصيرون إليه في الآخرة.
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (٧))
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي له الملك والسلطان والغلبة لا لغيره (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) أي غالبا بالانتقام على من لم يؤمن به وبنبيه (٥) عليهالسلام كافرا كان أو منافقا (حَكِيماً) [٧] أي حاكما في صنعه بالنصرة لنبيه ودينه.
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨))
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ) أي بعثناك يا محمد (شاهِداً) تشهد بواحدانيتنا أو ببلاغ الرسالة على أمتك (وَمُبَشِّراً) لمن أطاعنا بالجنة (وَنَذِيراً) [٨] أي مخوفا لمن خالفنا بالنار.
(لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩))
(لِتُؤْمِنُوا) بتاء الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ولأمته في هذه الأفعال كلها ، أي أرسلناك لتؤمن أنت وأمتك (بِاللهِ وَرَسُولِهِ) فيما يأمركم وينهاكم (وَتُعَزِّرُوهُ) أي تنصروا الله في دينه على عدوه بالسيف (وَتُوَقِّرُوهُ) أي تعظموه بالخشوع في طاعته (وَتُسَبِّحُوهُ) بقول سبحان الله (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [٩] أي بالغداء والعشي أو تصلوا لله بكرة الفجر وأصيل الظهر والعصر ، وقرئ الجميع بالياء على الغيبة (٦).
__________________
(١) علمه و ، + ح.
(٢) المذمة ، وي : ـ ح.
(٣) «السوء» : قرأ ابن كثير وأبو عمرو بضم السين ، والباقون بفتحها. البدور الزاهرة ، ٢٩٩.
(٤) نقله المفسر عن الكشاف ، ٦ / ٣.
(٥) وبنبيه ، وي : ونبيه ، ح.
(٦) «لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه» : قرأ ابن كثير وأبو عمرو ، بياء الغيبة في الأفعال الأربعة ، وغيرهما بتاء الخطاب. البدور الزاهرة ، ٢٩٩.