(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧))
ثم بين المصدقين بقلوبهم من المؤمنين فقال (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) أي الكاملون في الإيمان (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) أي لم يشكوا في إيمانهم باعتراضهم الشيطان من الإنس والجن ، وعطف ب (ثُمَّ) التي هي كلمة التراخي على الإيمان مع وجوب كون عدم الارتياب مقارنا للإيمان إشعارا باستقراره (١) في الأزمنة المتراخية المتطاولة غضبا جديدا (وَجاهَدُوا) الأعداء (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي في طاعته (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [١٥] في إيمانهم وبعد نزوله أتوا النبي عليهالسلام فحلفوا بالله أنهم لمؤمنون في السر كما في العلانية ، فقال تعالى يا محمد (قُلْ) لهم (أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) الذي أنتم عليه (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي سر أهلهما (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [١٦] من التصديق في قلوبكم وغيره ، فقالوا يا رسول الله جئناك بأهالينا وأولادنا للإسلام فأمر الله تعالى نبيه عليهالسلام أن ينفي منة الأعراب عليه فقال تعالى (٢)(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ) أي يعتد (عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ) أي وفقكم (لِلْإِيمانِ) على ما زعمتم أنكم أرشدتم إليه (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [١٧] أي مخلصين في قلوبكم ذلك الادعاء ، لأنكم إذا أخلصتم في الإيمان اعترفتم أن المنة لله ورسوله عليكم بالإيمان لا لكم.
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨))
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي يعلم سر أهلهما من الصدق والكذب وغيرهما فلا يخفى عليه ما في ضمائركم وظواهركم (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) [١٨] بالياء والتاء (٣) ، أي بأعمالكم الحسنات والسيئات فيجازيكم عليها ، وفيه تهديد شديد.
__________________
(١) باستقراره ، ح و : باستقرار ، ي.
(٢) تعالى ، ي : ـ ح و.
(٣) «تعملون» : قرأ المكي بياء الغيبة ، وغيره بتاء الخطاب. البدور الزاهرة ، ٣٠٢.