أو قوس السهم ، وقدر بقوسين لأن الحليفين إذا عقد الصفا بينهما ألصقا بين قوسيهما (أَوْ أَدْنى) [٩] أي أقرب منه في رأي العين ، وقيل : (أَوْ) بمعنى بل (١) ، في الحديث : «لقاب قوس أحدكم وموضع قده خير من الدنيا وما فيها» (٢) ، والقد السوط.
(فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠))
(فَأَوْحى) أي الله (إِلى عَبْدِهِ) محمد صلىاللهعليهوسلم بجبرائيل عليهالسلام (ما أَوْحى) [١٠] وأبهم الموحى تفخيما له ، قيل : هو أن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها أنت (٣) وعلى الأمم حتى يدخلها أمتك (٤) ، وقيل : إنك القاسم بين الجنة والنار (٥) ، وقيل : كن آيسا من الخلق فليس بأيديهم شيء واجعل صحبتك معي ، فان مرجعك إلي ولا تجعل قلبك معلقا بالدنيا بأني ما خلقتك لها (٦).
(ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١))
(ما كَذَبَ الْفُؤادُ) بالتخفيف والتشديد (٧) ، أي لم يكذب قلب محمد عليهالسلام (ما رَأى) [١١] ببصره مما يعجز عنه الأفكار ويحار فيه الأبصار من عجائب قدرة الله وعظم سلطانه أو من رؤية جبرائيل عليهالسلام كما هو هو (٨) أو من رؤية الله بقلبه ، لأنه لما سئل النبي عليهالسلام هل رأيت ربك؟ قال : «رأيته بفؤادي ولم أره يعيني» (٩).
(أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣))
قوله (أَفَتُمارُونَهُ) أي أفتجادلونه من المراء وهو النزاع والجدال ، وقرئ «أفتمرونه» (١٠) ، أي أتجحدونه وتغلبونه (عَلى ما يَرى) [١٢] خطاب للمشركين ، لأنهم أنكروا إسراءه عليهالسلام ومشاهدته جبرائيل فأكذبهم الله تعالى بقوله (وَلَقَدْ رَآهُ) أي محمد جبرائيل على صورته الحقيقية (نَزْلَةً) أي رؤية (أُخْرى) [١٣] وإنما عبر الرؤية بالنزلة ، لأنه نزل عليه نزلة أخرى فرآه بها.
(عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥))
(عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) [١٤](١١) حين أسري به إلى السماء السابعة أو السادسة وهي طوبى أو شجرة نبق عن يمين العرش فوق السماء السابعة يخرج أنهار الجنة من أصلها وسميت بسدرة المنتهى ، لأن الملائكة تنتهون إليها ولا يتجاوزونها أو علم كل أحد ينتهي إليها ولا يدري ما فوقها (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) [١٥] وسميت بها ، لأن أرواح الشهداء أو المتقين أو الملائكة تأوي إليها ، أي تنزل.
(إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦))
قوله (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ) ظرف ل (ما زاغَ) بعده ، أي في الوقت الذي يغطي السدرة (ما يَغْشى) [١٦] أي ما يغطيها من الخلائق الدالة على عظمة الله تعالى وجلاله ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت على كل ورقة من أوراقها
__________________
(١) أخذه عن السمرقندي ، ٣ / ٢٨٩.
(٢) أخرجه أحمد بن حنبل ، ٣ / ١٤١ ، ١٥٣ ، ١٥٧ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٤٧.
(٣) أنت ؛ وهذه الكلمة موجودة في البغوي ، ٥ / ٢٤٤. أثبتناها ليفهم المعنى بسهولة.
(٤) قد أخذه المصنف عن الكشاف ، ٦ / ٤٧ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٥ / ٢٤٤.
(٥) ولم أجد له مرجعا في المصادر التي راجعتها.
(٦) ولم أجد له مأخذا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٧) «كذب» : شدد الذال هشام وأبو جعفر وخففها غيرهما. البدور الزاهرة ، ٣٠٦.
(٨) هو ، وي : ـ ح.
(٩) أخرج مسلم نحوه ، الإيمان ، ٢٨٦ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٢٨٩.
(١٠) «أفتمارونه» : قرأ الأخوان وخلف ويعقوب بفتح التاء وسكون الميم ، وغيرهم بضم التاء وفتح الميم وألف بعدها. البدور الزاهرة ، ٣٠٦.
(١١) أي ، + وي.