سورة الرحمن
مكية أو مدنية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢))
قوله (الرَّحْمنُ) [١] نزل حين قال المشركون وما الرحمن ، ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب (١) ، فأخبر الله تعالى عن نفسه فقال الرحمن ، وهو آية عند البعض ، لأنه خبر مبتدأ محذوف ، أي الله الرحمن أو هو مبتدأ ، خبر (عَلَّمَ) أي الرحمن الذي أنكروه علم محمدا (الْقُرْآنَ) [٢] بانزال جبرائيل عليهالسلام إياه وقراءته عليه ، قدم في تعديد الآية لتبكيب منكري الرحمن ما هو في أعلا مراتبها في الدين وهو تنزيل القرآن وتعليمه الذي هو سبب لإنشاء الإنسان.
(خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤))
ثم قال (خَلَقَ الْإِنْسانَ) [٣] أي الذي خلق آدم أو الجنس لدينه (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) [٤] أي التكلم بالحروف ليتبين ما يقول وما يقال له ويتميز به عن سائر الحيوان.
(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥))
(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) [٥] أي الذي الشمس والقمر كائنان بحسبانه ، وتقديره : يجريان في بروجهما ومنازلهما المحدودة ليعرف الإنسان بذلك الشهور والسنين والحساب ، إذ له فيه منافع عظيمة.
(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦))
(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) [٦] وإنما وسط العاطف هنا اعتبار للتناسب بينهما من حيث التفاضل بين السماوي والأرضي ، أي نجوم السماء وأشجار الأرض يسجدان له بكرة وعشيا سجودا يعلمه تعالى ، وقيل : سجودهما انقيادهما فيما خلقا له كانقياد المكلف فيما أمر به (٢) ، وقيل : النجم من النبات ما لم يقم على ساق كاليقطين والشجر ما قام على ساق منها كالباذنجان (٣).
(وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (٩))
(وَالسَّماءَ رَفَعَها) أي الذي رفع السماء سقفا لمصالح العباد حيث جعلها منشأ أحكامه ومسكن ملائكته النازلين بالوحي على أنبيائه ، وفيه تنبيه على كبرياء شأنه (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) [٧] أي أنزله للعدل بين الناس وهو كل ما يوزن به ويكال ويذرع ، وذلك في زمان نوح عليهالسلام ولم يكن قبل ذلك ميزان ، وعلل ذلك بقوله
__________________
(١) اختصره المؤلف من السمرقندي ، ٣ / ٣٠٤.
(٢) وهذا المعنى مأخوذ عن الكشاف ، ٦ / ٦١.
(٣) اختصره المولف من السمرقندي ، ٣ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ؛ والبغوي ، ٥ / ٢٧٠ ـ ٢٧١.