سورة الواقعة
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣))
(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) [١] أي إذا قامت القيامة وسميت واقعة ، لأنها تقع لا محالة (لَيْسَ لِوَقْعَتِها) لمجيئها (كاذِبَةٌ) [٢] أي نفس تكذبها ، لأن كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة أو مصدر بمعنى التكذيب كالعافية ، والعامل في «إِذا» «لَيْسَ» أو اذكر مضمرا (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) [٣] أي هي تخفض أقواما في النار وترفع أقواما في الجنة.
(إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (٦))
قوله (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ) بدل من (إِذا) ، أي إذا (١) زلزلت (رَجًّا) [٤] أي زلزلة لا تسكن حتى تلقي جميع ما في بطنها على ظهرها (وَبُسَّتِ الْجِبالُ) أي فتتت وكسرت (بَسًّا) [٥] أي فتا وكسرا (فَكانَتْ) أي فصارت (هَباءً) أي غبارا خفيفا (مُنْبَثًّا) [٦] أي منتشرا.
(وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩))
(وَكُنْتُمْ) للاستقبال ، أي وستكون في يوم وقعت القيامة (أَزْواجاً ثَلاثَةً) [٧] أي ثلاثة أصناف ، اثنان في الجنة وواحد في النار ، ثم فسر الأزواج الثلاثة بقوله (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أي الذين يعطون كتابهم بإيمانهم ، مبتدأ ، خبره (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) [٨] و (الْمَيْمَنَةِ) من اليمن وهو البركة ، والمراد منها الطاعة ، أي ما تدري ما أصحاب الميمنة ، يعني ما لهم من الخير والكرامة يومئذ ، وهذا الضرب من الكلام يجري مجرى التعجب ، أي أي شيء هم في العزة والإجلال (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) أي الذين يعطون كتابهم بشمالهم (ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) [٩] أي لا تدري ما لهم من الذل والعذاب ، و (الْمَشْئَمَةِ) من الشؤم والمراد منها المعصية ، وقيل : يؤخذ بأهل الجنة ذات اليمين وبأهل النار ذات الشمال (٢).
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٦))
(وَالسَّابِقُونَ) إلى الجنة أو (السَّابِقُونَ) الثاني تأكيد للأول المبتدأ ، كرر تعظيما لهم بذكر الخبر عنهم ، والخبر (السَّابِقُونَ [١٠] أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) [١١] عند الله (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [١٢] أي في درجاتها العلى ، قوله (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ [١٣] وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) [١٤] تفصيل ل «السابقين» مع ذكر أوصافهم في الجنة ، وهي خبر مبتدأ محذوف ، أي السابقون جماعة من الأولين ، يعني من أول هذه الأمة كالصحابة والتابعين وقليل من
__________________
(١) إذا ، ح : ـ وي.
(٢) هذا الرأي مأخوذ عن الكشاف ، ٦ / ٧١.