سورة الحديد
مكية أو مدنية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١))
(سَبَّحَ لِلَّهِ) عدي باللام كما عدي بنفسه ، أي أوجد التسبيح لأجل عظمة الله وجلاله كل (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الملائكة والنيرات والإنس والجن وغيرهما ، وجاء ب (ما) تغليبا للكثرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أفضل الكلام أربع : «سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، لا يضرك بأيهن بدأت» (١)(وَهُوَ الْعَزِيزُ) الذي لا يعجز عما أراد (الْحَكِيمُ) [١] في أمره وفعله.
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢))
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يتصرف فيهما (٢) كيف يشاء (يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [٢] فيقدر على البعث والحساب بعد الموت.
(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣))
(هُوَ الْأَوَّلُ) أي قبل كل شيء (وَالْآخِرُ) أي بعد كل شيء (وَالظَّاهِرُ) أي الغالب على كل شيء (وَالْباطِنُ) أي العالم باطن كل شيء ، يقال بطن الشيء إذا علم باطنه ، المعنى : ان الله هو المستمر الوجود والجامع للظهور والخفاء علما وقدرة ، فالصفات الأربع في الحقيقة صفتان ، عطف إحديهما على الأخرى بالواو الوسطى (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [٣] من أمور الدنيا والآخرة.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤))
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وما بينهما من السحاب والرياح وغيرهما (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) لا في ساعة واحدة ليدل على التأني (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) أي استولى عليه لا بوصف الاستقرار (يَعْلَمُ ما يَلِجُ) أي ما يدخل (فِي الْأَرْضِ) من الأموات والكنوز والماء (وَما يَخْرُجُ مِنْها) من النبات والأقوات والكنوز والأموات يوم البعث (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من المطر والثلج والبرد وغير ذلك (وَما يَعْرُجُ) أي ما يصعد (فِيها) من الملائكة والأرواح وأعمال العباد (وَهُوَ) أي الله (مَعَكُمْ) علما بكم وبأعمالكم لا يخفى عليه شيء منكم (أَيْنَ ما كُنْتُمْ) في الأرض (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [٤] فيجازيكم به ثوابا وعقابا.
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦))
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي خزائنهما (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) [٥] أي عواقبها (يُولِجُ اللَّيْلَ) أي يدخله
__________________
(١) أخرجه البخاري ، الأيمان ، ١٩ ؛ ومسلم ، الآداب ، ١٢ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٣٢١.
(٢) فيهما ، وي : فيها ، ح.