المنذرين» (١)(وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ [١٧٨] وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) [١٧٩] كررها تهديدا لهم وتسلية بعد تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم وتأكيدا لوقوع الوعد إلى تأكيد ، وفيه فائدة زائدة وهي إطلاق الفعلين معا عن التقييد بالمفعول لتعميم المبصر منهما مما لا يحيط به الوصف من المسرة للنبي عليهالسلام ومن المساءة للمنذرين ، وقيل : كرر للإيذان بأن المراد بأحدهما عذاب الدنيا وبالآخرة عذاب الآخرة (٢).
قوله (سُبْحانَ رَبِّكَ) الآية حطاب للنبي عليهالسلام وتعليم له ولمن تابعه من المؤمين أن يقولوا ذلك من غير إخلال به وتساهل من مضموناتها منها تنزيه ذاته عما وصفه به المشركون بقوله «سُبْحانَ رَبِّكَ» (رَبِّ الْعِزَّةِ) باضافة (رَبِّ) إلى (الْعِزَّةِ) لتفيد (٣) اختصاصه بها ، أي ما من عزة لأحد إلا هو مالكها فهو منزه (عن ما (يَصِفُونَ) [١٨٠] من اتخاذ الولد والشريك ومنها التسليم على الأنبياء بقوله (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) [١٨١] أي الذين يبلغون رسالات الله إلى الأمم ، ومنها التمجيد لرب العالمين على كل حال بقوله (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [١٨٢] على إهلاك الكافرين ونجاة المؤمنين ، روي عن علي رضي الله عنه : «من أحب أن يكتال له بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه (سُبْحانَ رَبِّكَ) إلى آخر السورة» (٤).
__________________
(١) رواه البخاري ، الصلوة ، ١٢ ؛ والأذان ، ٦ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ١٢٦.
(٢) نقل المفسر هذا الرأي عن الكشاف ، ٥ / ١٣٠.
(٣) لتفيد ، ح و : فيفيد ، ي.
(٤) انظر البغوي ، ٤ / ٥٨٥.