سورة ص
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١))
قرئ (ص) بالسكون ، أي الله صادق في قوله ، وبالكسر (١) أمر للنبي عليهالسلام من المصاداة وهي المعارضة ، أي عارض القرآن بعملك فاعمل بأوامره وانته عن نواهيه ، وقيل : هو خبر مبتدأ محذوف على أنه اسم السورة (٢) التي أعجزت العرب (٣) ، قوله (وَالْقُرْآنِ) قسم (ذِي الذِّكْرِ) [١] أي ذي الشرف أو ذي العظة أو فيه ذكر ما يحتاج إليه من الشرائع وغيرها من الوعد والوعيد وقصص الأنبياء قبلك ، وجواب القسم محذوف لدلالة التحدي عليه ، تقديره : والقرآن ذي الذكر انه لكلام معجز منزل بالحق ، فحقه أن يؤمن الناس به.
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢))
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) من أهل مكة (فِي عِزَّةٍ) أي في حمية واستكبار عن الاعتراف بالحق والإيمان به (وَشِقاقٍ) [٢] أي في خلاف وعداوة وتكذيب لله ولرسوله ، والتنكير في الكلمتين (٤) للدلالة على شدتهما.
(كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣))
قوله (كَمْ أَهْلَكْنا) وعيد لذي العزة والشقاق ، أي كم أهلكنا بالعذاب (مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) أي من أمة من الأمم (فَنادَوْا) أي استغاثوا في الدنيا ليخلصوا (٥) من العذاب ، فقيل لهم (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [٣] بنصب (حِينَ) ، أي ليس الحين حين فرار ، ف «لا» بمعنى ليس ذيد عليها تاء التأنيث للتأكيد كما يزاد في «رب» و «ثم» للتأكيد واسمها محذوف و (حِينَ مَناصٍ) خبرها ، قيل : «كانت العرب إذا قاتلوا يقول بعضهم لبعض مناص مناص» (٦) ، والمراد المنجأ فينجو من نجا ويهلك من هلك فلما أتاهم العذاب قالوا مناص مثل ما كانوا يقولون ، فقال الله تعالى لهم ولات حين مناص ونزل حين قال لهم النبي عليهالسلام إن إلهكم إله واحد وهو الله فوحدوه بقول «لا إله إلا الله» فتعجبوا ونفروا من التوحيد ولا يتعجبون من الشرك إظهارا لجهلهم (٧).
(وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥))
(وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ) أي رسول مخوف (مِنْهُمْ) أي من أنفسهم وهو محمد عليهالسلام (وَقالَ الْكافِرُونَ) بالإظهار ولم يقل وقالوا إيذانا بشدة الغضب عليهم لقولهم (هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) [٤] أي يكذب على
__________________
(١) «ص والقرآن» : سكت أبو جعفر على «ص» سكتة خفيفة من غير تنفس ، ونقل المكي همزة القرآن إلى الراء كحمزة إن وقف. البدور الزاهرة ، ٢٧١.
(٢) وتقديره هذه السورة ، + و.
(٣) هذا الرأي منقول عن الكشاف ، ٥ / ١٣٢.
(٤) الكلمتين ، وي : كلمتين ، ح.
(٥) ليخلصوا ، ح و : لتخلصوا ، ي.
(٦) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ٣ / ١٢٩ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٤ / ٥٨٧ (عن ابن عباس).
(٧) قوله ، + و.