سورة الصف
مكية (١) أو مدنية (٢)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١))
(سَبَّحَ لِلَّهِ) أي نزه أو صلى له (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي كل موجود في الأرض والسماء (وَهُوَ الْعَزِيزُ) في ملكه (الْحَكِيمُ) [١] في أمره.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (٣))
ونزل في نفر طلبوا الجهاد فانهزموا بأحد قوله (٣)(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ) أصله لما ، اللام للتخصيص و (ما) للاستفهام ، أي لأي شيء (تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) [٢] تعييرا لهم بترك الوفاء أو قال بعضهم فعلت كذا وكذا بعد ما فر يوم أحد وما فعل شيئا ، وقيل : قد آذى المسلمين رجل ونكى فيهم فقتله صهيب وانتحل قتله آخر ، فقال عمر لصهيب : أخبر النبي عليهالسلام أنك قتلت ، فقال : إنما قتلته لله ولرسوله ، فقال عمر : يا رسول الله قتله صهيب قال كذلك يا أبا يحيى ، قال نعم ، فنزلت الآية في المنتحل (٤) ، وقيل : نزلت في المنافقين (٥) ، ونداؤهم بالإيمان تهكم بهم وبايمانهم (٦) ، وفي (كَبُرَ مَقْتاً) معنى التعجب وهو تعظيم الأمر في قلوب السامعين ، ونصب (مَقْتاً) على التمييز ، أي عظم بغضا (عِنْدَ اللهِ) قوله (أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) [٣] رفع فاعل (كَبُرَ) ، يعني عظم قولهم بما لم يفعلوا مقتا وهو أشد البغض وأبلغه ، قيل لبعض السلف حدثنا فسكت ثم قيل له حدثنا فقال لهم أتأمرونني أن أقول ما لا أفعل ، فأستعجل مقت الله.
(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤))
ثم ذكر تعالى ما فيه تعريض لمن خالف وعده للثبات في قتال الكفار فلم يف فقال (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا) نصب على الحال ، أي صافين أنفسهم (كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) [٤] حال متداخلة ، إذ العامل الصف في هذا الحال ، أي صافين متراصين في أماكنهم لا يزولون (٧) عنها كالبنيان الذي رص ، أي أدخل بعضه في بعض أو بني بالرصاص.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥))
(وَإِذْ قالَ) أي اذكر إذ قال (مُوسى لِقَوْمِهِ) بني إسرائيل (يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي) بالشتم والتكذيب
__________________
(١) وهذا قول عطاء ، انظر البغوي ، ٥ / ٣٧٠ ؛ وانظر أيضا القرطبي ، ١٨ / ٧٧ (عن ابن عباس).
(٢) وهو قول الجميع ، انظر القرطبي ، ١٨ / ٧٧.
(٣) وفي هذا الموضوع أقوال كثيرة ، انظر القرطبي ، ١٨ / ٧٧ ـ ٧٨.
(٤) قد أخذه عن الكشاف ، ٦ / ١٠٨.
(٥) عن الحسن ، انظر الكشاف ، ٦ / ١٠٨ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٥ / ٣٧١ (عن ابن زيد).
(٦) هذا منقول عن الكشاف ، ٦ / ١٠٨.
(٧) لا يزولون ، ح و : لا يزالون ، ي.