الله أنه رسوله (١) ، ثم قالوا (أَجَعَلَ) بزعمه (الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) في القول كيف يتسع إله واحد لحاجاتنا (٢)(إِنَّ هذا) أي الذي يقوله محمد (لَشَيْءٌ عُجابٌ) [٥] أي بليغ في العجب.
(وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦))
(وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ) أي ذهب أشراف قريش عن مجلس أبي طالب بعد ما بكتهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالجواب الحاضر عنده ، وقد جاؤا إلى أبي طالب في مرضه للشكاية من رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأنه يسب أصنامنا فسأله كيف تشتم لأصنامهم با ابن أخي؟ قال : يا عم إني أدعوهم على كلمة واحدة يملكون بها العرب ويؤدي إليهم العجم الجزية ، فقال : وما هي؟ قال : «لا إله إلا الله» ، فقاموا عن مجلسه وانطلقوا نافرين عنها قائلين ، أي قائلا بعضهم لبعض (أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى) عبادة (آلِهَتِكُمْ) فلا حيلة لكم في دفع أمر محمد (إِنَّ هذا) الأمر (لَشَيْءٌ يُرادُ) [٦] أي يريده الله ويمضيه ولا ينفع فيه إلا الصبر.
(ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧))
(ما سَمِعْنا بِهذا) أي بهذا التوحيد كائنا (فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) قالوه استهزاء بالتوحيد ، يعني لم نسمع من أهل الكتاب اليهود والنصارى ولا من الكهنة أنه يحدث في الملة الآخرة توحيد الله (إِنْ هذا) أي ما القول بالتوحيد (إِلَّا اخْتِلاقٌ) [٧] أي كذب اختلقه محمد من تلقاء نفسه.
(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨))
(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) أي قالوا حسدا يغلي في صدورهم على ما أوتي من بينهم أأنزل على محمد القرآن من بين أشرافنا ورؤسائنا ، يعني أخص بشرف النبوة ونزول الكتاب عليه من بيننا ونحن أحقاء به فقال تعالى (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ) أي لم يصدقوا برسولي ، بل هم مستمرون في ريب (مِنْ ذِكْرِي) أي من القرآن الذي أنزلته عليه حسدا منهم ، قوله (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) [٨] أي عذابي تهديد لهم ، يعني لم يذوقوه بعد ، فاذا ذاقوه زال عنهم الشك والحسد وصدقوه مضطرين إلى التصديق وحينئذ لا يرحمون.
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩))
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) أي أهم (٣) يملكون خزائن الرحمة من النبوة وغيرها حتى يخصوا بها من يشاؤنه ويصرفوها عمن يشاؤنه كقوله تعالى (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ)(٤)(الْعَزِيزِ) أي القاهر على خلقه (الْوَهَّابِ) [٩] أي الكثير المواهب المصيب بها من يشاء على ما يقتضيه حكمته.
(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠))
(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) ليختاروا النبوة بعض صناديدهم ويرفعوها (٥) عن محمد عليهالسلام وإنما يختار الذي يملك الرحمة خزائنها وهو الله تعالى ، قوله (فَلْيَرْتَقُوا) جزاء شرط محذوف بدلالة ما قبله ، أي إن كانوا يصلحون لتدبير الخلائق والتصرف في قسمة رحمة ربك فليرتقوا ، أي ليصعدوا (فِي الْأَسْبابِ) [١٠] أي المعارج والطرق الموصلة إلى السماء فيأتوا بالوحي إلى من يختارون وهو بيان لعجزهم وتهكم شديد بهم.
(جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١))
ثم سلى نبيه عليهالسلام بقوله (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ) أي مكسور ومغلوب عن قريب (مِنَ الْأَحْزابِ) [١١] أي المتحزبين على الرسل فلا يضيق صدرك ولا تبال بما يقولون فاني ناصرك و (ما) في (جُنْدٌ ما) زائدة بمعنى القلة وهو مبتدأ (٦) ، خبره (مَهْزُومٌ) ، وهنالك إشارة إلى مكان قولهم العظيم ومعاداة الرسول أو (٧) إلى يوم بدر وهو
__________________
(١) رسوله ، وي : رسول الله ، ح.
(٢) لحاجاتنا ، ح و : لحاجتنا ، ي.
(٣) أي أهم ، وي : أي هم ، ح.
(٤) الزخرف (٤٣) ، ٣٢.
(٥) ويرفعوها ، ح و : ويرفعونها ، ي.
(٦) و ، + و.
(٧) أو ، ح و : و ، ي.