سورة المنافقون
مدنية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١))
(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) من أهل المدينة وهم جند بن قيس ومعتب بن قشير وابن أبي (قالُوا) بألسنتهم دون قلوبهم (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) بادعاء المواطأة بين ألسنتنا وقلوبنا (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) أي الله يعلم أن الأمر في الواقع كما يدل عليه قولهم ، قاله تعالى دفعا (١) لايهام كذب الأمر قبل قوله (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) [١] في قولهم نشهد لعدم المواطاة بين قلوبهم وألسنتهم والشهادة إذا خلت عن المواطاة لا يكون شهادة في الحقيقة ، فهم كاذبون في تسميتهم شهادة أو كاذبون في زعمهم لاعتقادهم أنه خبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه.
(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢))
(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ) أي حلفهم (جُنَّةً) أي سترة عن دمائهم وأموالهم (فَصَدُّوا) الناس (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي عن (٢) الإيمان والجهاد (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [٢] حيث أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣))
(ذلِكَ) أي سوء عملهم (بِأَنَّهُمْ آمَنُوا) باللسان (ثُمَّ كَفَرُوا) بالقلب بالاستمرار عليه (فَطُبِعَ) أي ختم (عَلى قُلُوبِهِمْ) بالكفر (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) [٣] الحق ولا يرغبون فيه.
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤))
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ) أي المنافقين (تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) لجمالها وسمنها كعبد الله ابن أبي ، فانه كان جميلا جسيما فصيحا (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) أي تصدقهم لظنك أنهم محقون (كَأَنَّهُمْ) أي الحال أنهم (خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) بضم الشين وسكونها (٣) ، أي أسندت إلى الحائط ليس فيها أرواح فشبهوا بها في عدم الخير والانتفاع أو المراد من الخشبة ما فسد جوفها ولم يبق فيها ما يصلح لشيء ما ، أي هم أجرام خالية عن الإيمان فاسدة البواطن (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ) أي كل صيحة تصاح في العسكر واقعة (عَلَيْهِمْ) لجبنهم ، ف (عَلَيْهِمْ) ثاني مفعولي (يَحْسَبُونَ) فيوقف عليه ويبتدأ (هُمُ الْعَدُوُّ) أي هم الكاملون في العداوة ، لأن أعدى الأعداء هو الذي يداري معك ويستر
__________________
(١) دفعا ، وي : ـ ح.
(٢) عن ، وي : ـ ح.
(٣) «خشب» : أسكن الشين قنبل وأبو عمرو والكسائي ، وضمها غيرهم. البدور الزاهرة ، ٣٢٠.