لولدها فيراجع زوجته بعد التطليقة والتطليقتين فاستحب تفريق الطلاق لذلك ، إذ لو طلقها ثلاثا لا يمكن له أن يراجعها.
(فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢))
(فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) أي إذا قرب انقضاء عدتهن وهو آخر العدة ، يعني إذا مضى ثلاث حيض ولم تغتسل من الحيضة الثالثة بعد فأنتم بالخيار إن شئتم إمساكهن (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) أي بنكاح جديد أو بالرجعة والإحسان (أَوْ فارِقُوهُنَّ) أي وإن شئتم مفارقتهن ففارقوهن (بِمَعْرُوفٍ) أي اتركوهن بالإحسان واتقاء (١) الضرر (وَأَشْهِدُوا) على الفراق (ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) فهو مستحب أو على النكاح الجديد فهو واجب ، إذ لا نكاح إلا بشهود (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) أي لأجل الله خاصة لا تنظروا في المشهود له ولا في المشهود عليه (ذلِكُمْ) أي أداء الشهادة لله (يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) لئلا يكتمها (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) ويطلق امرأته (٢) للسنة (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) [٢](٣) بالمراجعة.
(وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٣))
(وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) أي لم يخطر بباله ، يعني يوسع رزقه (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي يعتمد عليه في أمر الرزق وفي كل ما نابه من النوائب (فَهُوَ حَسْبُهُ) أي الله يكفيه ما همه ، قيل : المخرج على وجهين ، أحدهما أن يخرجه من تلك الشدة والآخر أن يكرمه فيها الرضا والصبر (٤)(إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) بالتنوين وبالإضافة (٥) ، أي منفذ حكمه في الرخاء والشدة (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ) من الرخاء والشدة (قَدْراً) [٣] أي أجلا ونهاية لا يتقدم ولا يتأخر عنه.
(وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤))
(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ) لكبرهن ، أي يصرن لذلك قاطعات الرجاء من الحيض (إِنِ ارْتَبْتُمْ) أي إن أشكل عليكم حكمهن في العدة (فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) قيل : نزلت حين سأل معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد نزول قوله (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٦) ، فقال : يا رسول الله لو كانت المرأة آيسة ، أي قاطعة الرجاء من الحيض كيف تعتد ثم قام رجل آخر بعده ، فقال : يا رسول الله لو كانت صغيرة كيف عدتها ، وقال آخر : لو كانت حاملا كيف عدتها فنزلت (٧)(وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) لصغرهن وهو مبتدأ ، خبره محذوف ، وهو كاللائي يئسن ، أي فعدتهن ثلاثة أشهر ، وإنما حذف الخبر لدلالة ما قبله عليه هذا في الطلاق ، وأما في العدة التي توفي زوجها فهي أربعة أشهر وعشر (٨) ، قوله (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ) مبتدأ ، أي ذوات الحمل سواء كانت مطلقات أو توفي عنهن أزواجهن (أَجَلُهُنَّ) مبتدأ ثان ، أي انقضاء عدتهن التي يجوز بعدها النكاح (أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) في محل الرفع خبر المبتدأ الثاني ، والجملة في محل الرفع خبر المبتدأ الأول ، قال علي وابن عباس : «عدة المتوفى عنها أبعد الأجلين» (٩)(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) أي من يخشه ويصبر على ما أمره به (يَجْعَلْ لَهُ مِنْ
__________________
(١) واتقاء ، ح و : وإبقاء ، ي.
(٢) امرأته ، وي : ـ ح.
(٣) أي ، + ح و.
(٤) أخذه المؤلف عن السمرقندي ، ٣ / ٣٧٥.
(٥) «بالغ أمره» : قرأ حفص بحذف تنوين «بالغ» وخفض راء «أمره» ، وغيره بالتنوين ونصب راء «أمره». البدور الزاهرة ، ٣٢٢.
(٦) البقرة (٢) ، ٢٢٨.
(٧) نقله المؤلف عن السمرقندي ، ٣ / ٣٧٥ ؛ وانظر أيضا الواحدي ، ٣٥٦ ، ٣٥٧.
(٨) عشر ، وي : عشرا ، ح.
(٩) انظر الكشاف ، ٦ / ١٢٥.