(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧))
(وَيَقُولُونَ) للنبي عليهالسلام وأصحابه استهزاء (مَتى هذَا الْوَعْدُ) أي وعد البعث بعد الموت (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [٢٥] انا نبعث فقال تعالى (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ) أي علم قيام الساعة (عِنْدَ اللهِ) لا يعلمه غيره (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) [٢٦] أخوفكم وأبين لكم ما أرسلت به إليكم بلسان تفهمونه به.
(فَلَمَّا رَأَوْهُ) أي العذاب (زُلْفَةً) أي قريبا ، حال من المفعول (سِيئَتْ) أي قبحت واسودت (وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ) أي ويقول لهم الخزنة (هذَا) أي هذا العذاب (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ) أي بسببه (تَدَّعُونَ) [٢٧] من الدعوى أنكم لا تبعثون أو من الدعاء ، أي تسألون تعجيله.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨))
ثم أمر الله تعالى نبيه عليهالسلام (١) حين دعا كفار مكة على الرسول والمؤمنين بالهلاك بأن يقول نحن مؤمنون بالله متربصون منه إحدى الحسنيين وأنتم كافرون به ما ذا تتربصون منه سوى العذاب الدائم بقوله (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ) من المؤمنين بالموت ويدخلنا الجنة بالإيمان (أَوْ رَحِمَنا) أي غفر لنا ذنوبنا بفضله وينصرنا عليكم بالقتل والغلبة (فَمَنْ يُجِيرُ) أي من يغيث (الْكافِرِينَ) وينجيهم (مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) [٢٨] بكفرهم أو المعنى : انا لا نأمن من عذابه إن عصيناه بمعصية مع إيماننا به وتوسل العبادة والتضرع إليه ، فكيف تأمنون أنتم بكفركم به من عذابه.
(قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩))
(قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ) ولم نكفر كما كفرتم إن شاء أهلكنا وإن شاء رحمنا ، فوقوع (آمَنَّا) مقدما تعريض للكافرين (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا) أي فوضنا إليه أمورنا لا (٢) كتوكلكم على رجالكم وأموالكم ، فوقوع (عَلَيْهِ) مقدما يدل على اختصاص (تَوَكَّلْنا) بالله بخلاف توكلهم (فَسَتَعْلَمُونَ) غدا عند معاينة العذاب (مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [٢٩] أي في خطأ ظاهر نحن أم أنتم يا كفار مكة ، ف (مَنْ) استفهامية.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠))
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أي أخبروني (إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) أي غائرا ذاهبا في الأرض لا يقدرون على شيء منه (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) [٣٠] أي ماء جار يصل إليه من أراده بالدلو ، والغور مصدر لا يثنى ولا يجمع ، يقال ماء غور ومياه غور.
قيل : «سورة الملك هي المنجية تنجي صاحبها من عذاب القبر» (٣) ، قال صلىاللهعليهوسلم : «إن سورة من كتاب الله تعالى ما هي إلا ثلاثون آية ، شفعت لرجل فأخرجته يوم القيامة من النار ، وأدخلته الجنة ، وهي سورة تبارك» (٤).
__________________
(١) عليهالسلام ، وي : ـ ح.
(٢) لا ، ح و : ـ ي.
(٣) عن عبد الله بن مسعود ، انظر السمرقندي ، ٣ / ٣٩٠.
(٤) رواه الترمذي ، فضائل القرآن ، ٩ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٣٩٠ ؛ والبغوي ، ٥ / ٤٢٤.