سورة ن والقلم
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢))
قوله (ن) علم لليهموت ، أي بحق السمك الذي تحت الأرضين أو اللوح من نور أو ذهب ، وقيل : إنه حرف من اسم الله النور (١) أو من الرحمن (٢)(وَ) بحق (الْقَلَمِ) الذي كتب في اللوح ما هو كائن إلى قيام الساعة (وَ) بحق (ما يَسْطُرُونَ) [١] أي يكتب الكتبة بالقلم في اللوح ، و (ما) مصدرية أو المراد أصحاب القلم منه ، ف (ما) موصولة أقسم به تعظيما له لما في خلقه من الحكمة العظيمة والمنافع الكثيرة ، وجواب القسم (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) أي بأنعامه عليك بالنبوة وغيرها (بِمَجْنُونٍ) [٢] والباء زائدة لا يمنع عمله في ما قبله من الحال وهي نعمة ربك على تقدير منعما عليك بذلك ، نزل حين جاء جبرائيل عليهالسلام وعلمه القرآن والصلوة ، فقال كفار مكة جن محمد وكان النبي عليهالسلام يفر من الشاعر والمجنون (٣) ، والمعنى (٤) : أنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم حقا لست كما قال الأعداء.
(وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣))
(وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً) أي ثوابا على احتمال ما قالوا (غَيْرَ مَمْنُونٍ) [٣] أي غير مقطوع ، لأنك مستحق على عملك وليس بتفضل ابتداء ولا منة على الأجر.
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤))
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [٤] لفرط احتمالك وحسن مدارتك ، وقيل : خلقه ما أمر الله به في قوله (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (٥)(٦) ، وقيل : «هو آداب القرآن» (٧) ، روي : أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن خلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : «كان خلقه القرآن ألست تقرأ القرآن «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (٨)».» (٩).
(فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦))
(فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ) [٥] أي فسترى ويرون يوم القيامة (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) [٦] أي المجنون ، يقال فتن إذا مجن بالجنون (١٠) ، فيه تعريض لأبي جهل وغيره من قريش ، والباء زائدة أو المفتون مصدر بمعنى الجنون والباء للإلصاق.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧))
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) أي عن دينه وهم المجانين على الحقيقة (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [٧] لدينه المستقيم وهم العقلاء على الحقيقة ، وفيه تهديد للضالين وتبشير للمتقين.
__________________
(١) عن عطاء ، انظر البغوي ، ٥ / ٤٢٥.
(٢) عن ابن عباس ، انظر البغوي ، ٥ / ٤٢٥ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٣٩٢.
(٣) أخذه عن السمرقندي ، ٣ / ٣٩٢.
(٤) والمعنى ، ح : المعنى ، وي.
(٥) الأعراف (٧) ، ١٩٩.
(٦) نقل المصنف هذا الرأي عن الكشاف ، ٦ / ١٤٠.
(٧) عن الحسن ، انظر البغوي ، ٥ / ٤٢٦.
(٨) المؤمنون (٢٣) ، ١.
(٩) انظر البغوي ، ٥ / ٤٢٦ ؛ والكشاف ، ٦ / ١٤٠.
(١٠) بالجنون ، ح و : بالمجنون ، ي.