(فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨))
ثم نزل حين دعوه إلى دين آبائه ، فأمره الله تعالى أن يثبت على دينه قوله (١)(فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) [٨] بالقرآن.
(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩))
(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ) أي تمنوا أن تداريهم (فَيُدْهِنُونَ) [٩] أي فيدارونك ، وهو خبر مبتدأ محذوف ، أي فهم يدهنون ولذا لم ينصب باضمار أن في جواب التمني.
(وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١))
(وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ) أي كثير الحلف بالكذب في دين الله (مَهِينٍ) [١٠] أي (٢) حقير ضعيف في الطاعة ، قوي في المعصية ، وهو الوليد بن المغيرة (هَمَّازٍ) أي عياب مغتاب (مَشَّاءٍ) بين الناس (بِنَمِيمٍ) [١١] أي بنميمة ، وهي نقل الكلام من قوم إلى قوم على وجه الإفساد.
(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢))
(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) أي بخيل بالمال (٣) لا ينفق نفسه ولا غيره أو مناع الغير عن الخير و (٤) الإسلام ، قيل : كان الوليد ذا مال كثير يقول : «من دخل دين محمد لا أنفعه بشيء» (٥) (مُعْتَدٍ) أي ظالم (أَثِيمٍ) [١٢] أي فاجر.
(عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣))
(عُتُلٍّ) أي غليظ القلب شديد الخصومة بالباطل (بَعْدَ ذلِكَ) أي مع ذلك الوصف المذكور (زَنِيمٍ) [١٣] أي ملصق بالقوم وليس منهم ، يعني هو دعي في قريش ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة ولذلك اجترأ على كل معصية لا يرحم ، قال عليهالسلام : «لا يدخل الجنة ولد الزنا ولا ولد ولده» (٦) أو ذي زنمة وهي قطعة اللحم النابت (٧) تحت عنق الماعزة.
(أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥))
(أَنْ كانَ ذا مالٍ) بهمزة الاستفهام (٨) للتوبيخ قبل (أَنْ) التي حذف منها لام التعليل وحذف متعلقه بعده بدلالة «فلا تطع» قبل ، أي ألأن كان صاحب مال تطيعه ، يعني لا تعطه بسبب ماله وبلا استفهام خبر ، أي لأن كان ذا مال (وَبَنِينَ) [١٤] كذبك ، يدل عليه قوله (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ) هي (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [١٥] أي أباطيلهم وكذبهم.
(سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦))
(سَنَسِمُهُ) سنكويه كيا (عَلَى الْخُرْطُومِ) [١٦] أي على أنفه إهانة له وعلما يعرف به يوم القيامة أنه كافر لا كسائر الكفار أو هو أبو جهل قطع أنفه بالسيف يوم بدر فبقى علامة له ، وقيل : هو سواد وجهه يوم البعث (٩) ، وخص الأنف بالذكر لأن الوسم عليه أقبح.
__________________
(١) أخذه عن السمرقندي ، ٣ / ٣٩٢.
(٢) أي ، وي : ـ ح.
(٣) بالمال ، ح ي : المال ، و.
(٤) الخير و ، ح : ـ وي.
(٥) انظر البغوي ، ٥ / ٤٣٠.
(٦) ذكر العجلوني نحوه في كشف الخفاء (٢ / ٥٠١): «لا يدخل الجنة ولد زنية». وروى أحمد بن حنبل في مسنده (٢ / ٢٠٣): «لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا منان ولا ولد زنية». وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ١٤١.
(٧) النابت ، وي : الثابت ، ح.
(٨) «أن كان» : قرأ الشامي وشعبة وحمزة وأبو جعفر ويعقوب بهمزتين مفتوحتين على الاستفهام ؛ وكل على أصله في الهمزتين إلا هشاما وابن ذكوان فخالف كل منهما أصله ، فأبو جعفر وهشام بالتسهيل والإدخال ورويس وابن ذكوان بالتسهيل من غير إدخال وشعبة وحمزة وروح بالتحقيق من غير إدخال ، وقرأ الباقون بهمزة واحدة مفتوحة على الخبر. البدور الزاهرة ، ٣٢٥.
(٩) أخذه عن السمرقندي ، ٣ / ٣٩٢.