سورة المعارج
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١))
قوله (سَأَلَ سائِلٌ) بالهمزة وتركها (١) في (سَأَلَ) بالألف المنقلبة من الهمز أو من الياء من السيلان بمعنى السؤال جواب للذين يستعجلون بالعذاب الموعود ويسألون بمن يقع كالنضر بن الحارث وأصحابه على طريق الاستهزاء ، وقيل : السائل هو رسول الله ، استعجل بعذابهم (٢) ، وضمن السؤال معنى الدعاء فعدي تعديته ، أي دعا داع (بِعَذابٍ واقِعٍ) [١] أي نازل يوم القيامة.
(لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (٢) مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ (٣))
قوله (لِلْكافِرينَ) صفة ل «عذاب» ، أي كائن لهم أو خبر مبتدأ محذوف ، أي هو للكافرين (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) [٢] أي مانع (مِنَ اللهِ) أي من جهته تعالى إذا نزل بهم ، ويجوز أن يتعلق (مِنَ اللهِ) ب (واقِعٍ) ، أي واقع من عنده ، قوله (ذِي الْمَعارِجِ) [٣] صفة لله ، جمع معرج ، وهو المصعد (٣) ، أي ذي المصاعد لأجل ملائكته وهي السموات السبع لا شركة لأحد في خلقها.
(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤))
(تَعْرُجُ) بالتاء والياء (٤) ، أي تصعد من أسفل السفل (٥)(الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) أي جبرائيل أو خلق هم حفظة على الملائكة كالملائكة الحفظة على بني آدم أو روح الميت (إِلَيْهِ) أي إلى مهبط أمره وهو سدرة المنتهى أو إلى عرشه (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ) كمقدار (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [٤] من سني الدنيا لو صعد فيه غير الملائكة ، قيل : هو يوم الدنيا (٦) ، وقيل : يوم الآخرة (٧) ، واستطالة اليوم إما مجاز لشدته على الكفار أو حقيقة لما روي : أن فيه خمسين موطنا ، كل موطن ألف سنة وما قدر ذلك على المؤمنين إلا كما بين العصر والظهر (٨) ، والظرف يجوز أن يتعلق ب «تعرج» وهو الأظهر وأن يتعلق ب (واقِعٍ) قبله ، المعنى : يقع العذاب في يوم مقداره خمسون ألف سنة.
__________________
(١) «سأل» : قرأ المدنيان والشامي بألف بعد السين بدلا من الهمزة مثل قال ، وغيرهم بهمزة مفتوحة بعد السين ويقف عليه حمزة بالتسهيل فقط. البدور الزاهرة ، ٣٢٧.
(٢) أخذ المفسر هذا الرأي عن الكشاف ، ٦ / ١٥٤.
(٣) المصعد ، وي : المصدر ، ح.
(٤) «تعرج» : قرأ الكسائي بياء التذكير ، وغيره بتاء التأنيث. البدور الزاهرة ، ٣٢٧.
(٥) السفل ، وي : إلي الأعلى ، ح.
(٦) ولم أجد له مأخذا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٧) عن عكرمة وقتادة والحسن ، انظر البغوي ، ٥ / ٤٤٩ ؛ والقرطبي ، ١٨ / ٢٨٢.
(٨) اختصره المؤلف من البغوي ، ٥ / ٤٥٠ ؛ والكشاف ، ٦ / ١٥٥.