(فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (٥))
(فَاصْبِرْ) يا محمد على أذاهم واستهزائهم بسؤال العذاب ، فالفاء متعلقة ب «سأل سائل» ، وكان النبي عليهالسلام يضجر من ذلك فأمر بالصبر (صَبْراً جَمِيلاً) [٥] أي حسنا بلا شكاية.
(إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧))
(إِنَّهُمْ) أي الكفار (يَرَوْنَهُ) أي العذاب (بَعِيداً) [٦] أي مستبعدا لإنكارهم البعث (وَنَراهُ قَرِيباً) [٧] أي سهلا علينا لقدرتنا عليه كائنا لا خلف فيه.
(يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩))
(يَوْمَ تَكُونُ) أي في يوم تكون (السَّماءُ كَالْمُهْلِ) [٨] أي كذائب الفضة أو كدردي الزيت من الخوف في تلونها (١)(وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) [٩] أي كالصوف المندوب المتفرق في الهواء.
(وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤))
(وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) [١٠] مجهولا ، أي يطالب قريب عن قريبه بأين هو ، ومعلوما (٢) ، أي لا يسأل قريب عن قريبه بكيف حالك ولا يكلمه لاشتغال كل بحاله (يُبَصَّرُونَهُمْ) الضمير للحميمين باعتبار العموم لكل حميمين ، أي يبصر الأقرباء بعضهم بعضا ، يعني يعرفهم الملائكة فيتعارفون ولا يتكلمون خوفا.
قوله (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ) حال من أحد الضميرين في (يُبَصَّرُونَهُمْ) ، أي يتمنى الكافر (لَوْ يَفْتَدِي) أي أن يبذل في فداء نفسه (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) بفتح يوم» على البناء للإضافة إلى غير المتمكن وبالجر (٣) على الأصل ، والباء للبدل في قوله (بِبَنِيهِ [١١] وَصاحِبَتِهِ) أي زوجته (وَأَخِيهِ [١٢] وَفَصِيلَتِهِ) أي عشيرته (الَّتِي تُؤْوِيهِ) [١٣] أي تعطيه مأوى له وتحسنه (وَمَنْ) أي وبمن (فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ) [١٤] أي ثم يود أن يخلص الافتداء نفسه من العذاب.
(كَلاَّ إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧))
قوله (كَلَّا) ردع للمجرم عما تمنى من الافتداء ، أي لا يكون كما تمنى أو بمعنى ألا ، أي تنبه (إِنَّها) أي النهار (لَظى) [١٥] اسم من أسماء جهنم ومعناه اللهب لتلهبها عليهم (نَزَّاعَةً) بالنصب على الحال المؤكدة وبالرفع (٤) ، أي هي نزاعة ، يعني قلاعة (لِلشَّوى) [١٦] جمع شواة ، وهي جلدة الرأس أو الأطراف ، أي يقلع النار الأعضاء عن أجسادهم ، ثم تعود كما كانت هكذا أبدا (تَدْعُوا) النار ، أي تحضر إلى نفسها (مَنْ أَدْبَرَ) أي من (٥) صرف وجهه إلى خلفه عن الدعوة إلى الله (وَتَوَلَّى) [١٧] أي أعرض بقلبه عن الإيمان بقوله إلي إلي يا كافر.
(وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨))
(وَجَمَعَ) أي ومن جمع المال (فَأَوْعى) [١٨] أي جعله في الوعاء ولم يؤد حق الله تعالى منه.
(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١))
(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) [١٩] أي حريصا ممسكا أو شديد الجزع ، وقيل : معناه قوله (٦)(إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) أي
__________________
(١) في تلونها ، ح : في تكونها ، وي ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ١٥٥.
(٢) «ولا يسأل» : قرأ أبو جعفر بضم الياء ، وغيره بفتحها. البدور الزاهرة ، ٣٢٧.
(٣) «يومئذ» : قرأ المدنيان والكسائي بفتح الميم ، والباقون بكسرها. البدور الزاهرة ، ٣٢٧.
(٤) «نزاعة» : نصب حفص التاء ، ورفعها غيره. البدور الزاهرة ، ٣٢٧.
(٥) من ، ح : ـ وي.
(٦) عن ابن عباس ، انظر البغوي ، ٥ / ٤٥٢.