عوض من المحذوف ، ونزل عند قولهم استهزاء لئن دخل أصحاب محمد الجنة لندخلن معهم قوله (١)(أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) [٣٨] كالمؤمنين.
(كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩))
قوله (كَلَّا) ردع لهم عن طمعهم (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) [٣٩] أي من نطفة منتنة أبهم بما استحقارا لذكرها وهو كلام دال على إنكارهم البعث من حيث إنه احتجاج (٢) عليهم بالنشأة الأولى ، فبأي شيء يدخلون الجنة وهم كافرون لا إيمان فيهم بالبعث ليتشرفوا به فيدخلوها كما حكمنا به في القرآن.
(فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١))
(فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) والمراد نواحيهما (٣) ، أي أقسم بخالقهما (إِنَّا لَقادِرُونَ [٤٠] عَلى أَنْ) نهلكهم و (نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) [٤١] أي عاجزين عن الابتداء والإعانة بعد الموت.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣))
(فَذَرْهُمْ) أي دع المكذبين (يَخُوضُوا) في أباطيلهم (وَيَلْعَبُوا) أي يستهزؤا (حَتَّى يُلاقُوا) أي يعاينوا (يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) [٤٢] فيه العذاب وأبدل من «يَوْمَهُمُ» (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) أي من القبور (٤)(سِراعاً) أي مسرعين إلى الداعي أو إلى الحشر (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ) بضم النون والصاد ، جمع نصب ، وهو ما نصب للعبادة كالصنم ، وبفتح النون وسكون الصاد ، وقرئ به (٥)(يُوفِضُونَ) [٤٣] أي يسرعون لأن يعبدوها فرحين بذلك كما كانوا في الدنيا.
(خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (٤٤))
(خاشِعَةً) أي ذليلة (أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ) أي تغشاهم (ذِلَّةٌ) وحقارة (ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) [٤٤] فيه العذاب وهم يكذبون به.
__________________
(١) أخذه المفسر عن الكشاف ، ٦ / ١٥٨ ؛ وانظر أيضا الواحدي ، ٣٦٢.
(٢) احتجاج ، ح ي : الاحتجاج ، و.
(٣) نواحيهما ، وي : نواحيها ، ح.
(٤) القبور ، وي : قبورهم ، ح.
(٥) «نصب» : قرأ حفص والشامي بضم النون والصاد ، والباقون بفتح النون وإسكان الصاد. البدور الزاهرة ، ٣٢٨.