وقت نزول العذاب (أَحَداً) [٢٦] من خلقه (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) أي من اختاره لرسالته ، فانه يطلعه عليه بملك إذا شاء الاطلاع للفرق بين النبي وغيره ، قوله (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) علة لعدم إظهاره على غيبه أحدا من خلقه سوى النبي عليهالسلام (١) ، أي فان الله يسير (٢) من بين يدي الرسول (وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) [٢٧] أي ملائكة راقبين يحرسونه (٣) من الشياطين حتى لا يسمعوا القرآن حين أوحى إليه جبرائيل عليهالسلام ، ثم يفشوا ذلك قبل أن يخبر الناس الرسول فلا يكون حينئذ فرق بينهم وبين الأنبياء عليهمالسلام.
(لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨))
قوله (لِيَعْلَمَ) متعلق بفعل محذوف ، أي فعلنا ذلك ليعلم الرسول (أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا) أي أنه أبلغ الرسل (رِسالاتِ رَبِّهِمْ) كاملة بلا زيادة ولا نقصان إلى المرسل إليهم ، فالضمير في «يديده» و (خَلْفِهِ) و «يعلم» يرجع إلى «من» باعتبار اللفظ وفي «أبلغوا إليه باعتبار المعنى ، وقيل : يجوز أن يرجع الضمير في «يعلم» إلى الله ، أي ليتعلق علمه في الوجود (أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا) الآية (٤) ، روي : «أنه ما بعث إلا ومعه ملائكة يحفظونه من الشياطين لئلا يتشبهوا بصورة الملك» (٥)(وَأَحاطَ) الله بعلمه (بِما لَدَيْهِمْ) أي لدى الرسل من الشرائع والحكم لا يفوته شيء مما عندهم (وَأَحْصى) أي ضبط (كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) [٢٨] مصدر ، أي إحصاء أو حال ، أي معدودا محصورا من القطر والرمل وورق الأشجار وزبد البحار ، فكيف يفوته شيء مما عند رسله من وحيه وكلامه ، فانه مهيمن عليهم حافظ لشرائعهم وحكمهم لا ينسى منها حرفا.
__________________
(١) عليهالسلام ، ح : ـ وي.
(٢) يسير ، ح ي : سير ، و.
(٣) يحرسونه ، وي : تحرسون ، ح.
(٤) أخذ المفسر هذا الرأي عن البيضاوي ، ٢ / ٥٣٦ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٧ / ١٦٩.
(٥) عن الضحاك ، انظر الكشاف ، ٦ / ١٦٩.