سورة المزمل
مكية (١) إلا آية (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ)(٢)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣))
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) [١] أي المتلفف بثيابه ، أصله المتزمل (٣) ، فأدغمت التاء في الزاء ، وأراد به النبي عليهالسلام ، لأنه كان يقول : زملوني إذا جاء الوحي خوفا منه حتى انس به ، فقال جبرائيل عليهالسلام : يا أيها المزمل تهجينا لحالته ، إذ هي حالة الكسلان (قُمِ اللَّيْلَ) للصلوة فيه (إِلَّا قَلِيلاً) [٢] قيل : (نِصْفَهُ) بدل من (اللَّيْلَ) بدل بعض من كل (٤) ، أي قم نصفه ، و (إِلَّا قَلِيلاً) مستثنى من (نِصْفَهُ) ، قدم عليه ، أي إلا قليلا من نصفه ، يعني قم أقل من نصف الليل (أَوِ انْقُصْ مِنْهُ) أي من النصف (قَلِيلاً) [٣] قيل : إلى الثلث (٥).
(أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤))
(أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) أي على النصف ، قيل : إلى الثلثين (٦) ، يعني أنت مخير بين أن تقوم أقل من نصف الليل دائما حتما وبين أن تقوم باختيارك نصف الليل ناقصا إلى الثلث ، أي الثلث الأخير وزائدا إلى الثلثين ، وقيل : يجوز أن يبدل نصفه من (قَلِيلاً) فيكون التخيير بين ثلاثة أشياء بين قيام نصف الليل تاما وبين الناقص منه وبين الزائد عليه ووصف بالقلة بالنظر إلى الكل لا إلى ما دون النصف (٧) كما هو عند الفقهاء ، لأنهم يطلقون القليل على ما دونه ، واختلف في قيام الليل ، قال بعضهم كان فرضا نسخ عن النبي عليهالسلام بقوله تعالى (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ)(٨) وعن المؤمنين بالصلوات الخمس ، فصار تطوعا ، وقال بعضهم كان نفلا بدليل التخيير في المقدار ، إذ لم يجئ التخيير بين القليل والكثير في شيء من الفرائض ولقوله (١٠)(وَرَتِّلِ) أي بين (الْقُرْآنَ) إذا قرأته باظهار الحروف وإشباع الحركات وتثبت في قراءته (تَرْتِيلاً) [٤] أي تبيينا حرفا حرفا ولا تعجل في تلاوته ، روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : «لا تنثروه نثر الدقل» (١١) ، وهو التمر الردي.
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥))
(إِنَّا سَنُلْقِي) أي سننزل (عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) [٥] أي قرآنا شديدا لما فيه من الأحكام العظام أو مهيبا عند
__________________
(١) وهذا قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، انظر القرطبي ، ١٩ / ٣١.
(٢) المزمل (٧٣) ، ٢٠. وهذا القول للثعلبي ، انظر القرطبي ، ١٩ / ٣١.
(٣) المتزمل ، وي : متزمل ، ح.
(٤) أخذ المصنف هذا الرأي عن الكشاف ، ٦ / ١٧٠.
(٥) هذا الرأي مأخوذ عن البغوي ، ٥ / ٤٦٨.
(٦) نقل المؤلف هذا القول عن البغوي ، ٥ / ٤٦٨.
(٧) اختصره المفسر من الكشاف ، ٦ / ١٧١.
(٨) الإسراء (١٧) ، ٧٩.
(٩) الإسراء (١٧) ، ٧٩.
(١٠) وهذه الأقوال مأخوذة عن البغوي ، ٥ / ٤٦٩ ؛ والكشاف ، ٦ / ١٧١ ؛ وانظر أيضا قتادة (كتاب الناسخ والمنسوخ) ، ٥٠ ؛ وهبة الله بن سلامة ، ٩٦ ؛ وابن الجوزي ، ٥٨.
(١١) انظر البغوي ، ٥ / ٤٧٠.