سورة القيامة
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢))
(لا أُقْسِمُ) أي أقسم (بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) [١] لعظمتها بحكم زيادة (لا) لتأكيد القسم كما مر في الواقعة (١)(وَ) كذا في (لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) [٢] وهي التي تلوم نفسها بايمانها وإن اجتهدت في الإحسان لكرامتها عند الله ، إذ الكافر لا يعاتب نفسه بمضي الدهور عليه لعدم إيمانه ، وجواب القسم محذوف بدلالة ما بعده ، أي لتبعثن يوم القيامة.
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٣) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٤))
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ)(٢) الذي ينكر البعث وهو عدي ابن أبي ربيعة ، قال لرسول الله : يا محمد حدثني عن يوم القيامة متى يكون؟ وكيف أمره؟ فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ولم أو من به أو يجمع الله العظام ، فقال الله تعالى أيظن منكر البعث (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) [٣] بعد موته فقال تعالى (بَلى) وهو للإيجاب (٣) بعد النفي ، أي نحن نجمعها (قادِرِينَ) حال من الضمير في «نَجْمَعَ» (عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) [٤] أي أن نعيد عظام أنامله ونؤلفها كما كانت بعد ما رمت وبليت.
(بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦))
قوله (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ) بالتكذيب ، عطف على (يَحْسَبُ) داخلا تحت الاستفهام ، ويجوز أن يكون إضرابا عن المستفهم عنه إلى شيء آخر ، أي يقصد بتكذيبه (لِيَفْجُرَ) أي ليعدل عن الحق ويكثر ذنوبه (أَمامَهُ) [٥] أي فيما بين يديه من الأوقات من غير خوف من البعث (يَسْئَلُ أَيَّانَ) أي متى (يَوْمُ الْقِيامَةِ) [٦] سؤال استهزاء.
(فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩))
(فَإِذا بَرِقَ) بكسر الراء وفتحها (٤) ، أي دهش وتحير عند الموت (الْبَصَرُ) [٧] أي عينه مما يشاهد من أحوال الفزع أو عند البعث خوفا (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) [٨] أي ذهب ضوؤه ، (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) [٩] فطلعا من المغرب أو سوى بينهما في عدم النور ، وقيل : «يجمعان فيقذفان في البحر ليكونا نار الله الكبرى» (٥).
(يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلاَّ لا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢))
(يَقُولُ الْإِنْسانُ) المنكر للبعث (يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) [١٠] أي الفرار ، قوله (كَلَّا) ردع عن طلب الفرار (لا
__________________
(١) انظر سورة الواقعة (٥٦) ، ٧٥.
(٢) أي ، + ي.
(٣) للإيجاب ، وي : الإيجاب ، ح.
(٤) «برق» : فتح الراء المدنيان ، وكسرها الباقون. البدور الزاهرة ، ٣٣٢.
(٥) عن عطاء بن يسار ، انظر البغوي ، ٥ / ٤٨٩.