(كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧))
قوله (كُلُوا) استئناف لخطاب الكفار ، أي كلوا (١) في الدنيا كالبهائم (وَتَمَتَّعُوا) أي تنعموا (قَلِيلاً) أي زمانا يسيرا بالتكذيب وعدم الإيمان ، وقيل : يقال لهم كلوا وتمتعوا في الآخرة تجهيلا لهم وتوبيخا فانهم استحقوا العذاب به ، وعلل ذلك بقوله (٢)(إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) [٤٦] بالشرك والمعاصي ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) [٤٧].
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠))
قوله (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا) أي صلوا لله (لا يَرْكَعُونَ) [٤٨] أي لا يصلون له ، نزل في شأن ثقيف حيث قالوا لا ننحني في الصلوة فانها مذلة علينا (٣) ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود» (٤) ، أو قيل لهم : تواضعوا لقبول وحيه واتباع دينه وهم لا يقبلون ذلك للاستكبار (٥)(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [٤٩] فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ) أي سوى القرآن (يُؤْمِنُونَ) [٥٠] أي يصدقون ، المعنى : أن القرآن من بين الكتب السماوية آية مبصرة ومعجزة باهرة ، فحين لم يؤمنوا به (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) ، يعني لم يؤمنوا بالكتب الباقية.
__________________
(١) أي كلوا ، ح و : ـ ي.
(٢) اختصره المصنف من الكشاف ، ٦ / ٢٠٠.
(٣) عن مقاتل ، انظر السمرقندي ، ٣ / ٤٣٧ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٢٠٠.
(٤) روى أبو داود نحوه ، الخراج ، ٢٦ ؛ وأحمد بن حنبل ، ٤ / ٢١٨ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٢٠٠.
(٥) أخذه المؤلف عن الكشاف ، ٦ / ٢٠٠.