سورة النبأ (والمعصرات)
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣))
(عَمَّ) أصله عما استفهام لتفخيم المستفهم عنه ، ثم حذفت الألف فرقا بينه وبين الخبر وهو كثير ، ويستعمل الأصل قليلا ، ومعنى (عَمَّ) عن أي شيء عظيم الشأن (يَتَساءَلُونَ) [١] أي أهل مكة يسأل بعضهم بعضا أو يسألون من المؤمنين عن شأن محمد عليهالسلام ، وخبره عن البعث على طريق الاستهزاء أو الضمير للمؤمنين والكافرين جميعا يسأل المؤمن لازدياد العلم والكافر للاستهزاء (عَنِ النَّبَإِ) بيان لشأن المستفهم عنه أو بدل منه ، والمراد ب «النَّبَإِ» (الْعَظِيمِ) [٢] بالبعث (الَّذِي هُمْ فِيهِ) أي في البعث (مُخْتَلِفُونَ) [٣] أي يختلف المؤمنون بالتثبيت والكافرون للإنكار.
(كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥))
قوله (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) [٤] ردع لقولهم ووعيد (ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) [٥] وعيد آخر ، وجاء ب (ثُمَّ) ليؤذن أن الوعيد الثاني أشد من الأول وأن مدته أطول ، أي سيعرفون عند الموت بالمعاينة ، ثم في الآخرة بالمشاهدة وشدة المعاقبة.
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧))
ثم أشار إلى قدرته بالبعث ورفع إنكارهم عنها بقوله (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً) [٦] أي فراشا مبسوطا للأناسي للسير والسكون (١)(وَالْجِبالَ أَوْتاداً) [٧] لتثبت بها الأرض وتستقر.
(وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١))
(وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) [٨] أي ذكرا وأنثى (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) [٩] أي راحة لأبدانكم (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) [١٠] أي سكنا تسكنون فيه وتتسترون به (٢)(وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) [١١] أي ذا معاش أو مطلبا للعيش.
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣))
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) [١٢] أي سبع سموات قوية محكمة لا يؤثر فيها مرور الأزمان (وَجَعَلْنا) في السموات (سِراجاً وَهَّاجاً) [١٣] أي منيرا وقادا بمعنى جامعة النور والحرارة وهو الشمس.
(وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦))
(وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ) أي السحائب التي تعصر الرياح الماء منها فتمطر (ماءً ثَجَّاجاً) [١٤] أي سيالا ، قيل : إن الماء ينزل من السماء على السحاب ، ثم تعصر الرياح الأربعة السحاب فيسيل الماء منه إلى الأرض (٣) ، ثم علل الإنزال فقال (لِنُخْرِجَ بِهِ) أي بالماء (حَبًّا) كالحنطة والشعير للأناسي (وَنَباتاً) [١٥] كالتبن ، الحشيش
__________________
(١) السكون ، ح ي : السلوك ، و.
(٢) تتسترون ، وي : تسترون ، ح.
(٣) لعل المفسر اختصره من الكشاف ، ٦ / ٢٠٢.