معظمة (مَرْفُوعَةٍ) في السماء السابعة ، والمراد اللوح المحفوظ (مُطَهَّرَةٍ) [١٤] عن مس غير الملائكة أو عن الكذب والعيب (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) [١٥] جمع سافر وهو الكاتب ، أي بأيدي الكتبة للسفر ، أي الكتاب ، يعني ينسخون (١) الكتب لأجلهم من اللوح المحفوظ (كِرامٍ بَرَرَةٍ) [١٦] أي مكرمين عند الله مطيعين له ، جمع بار ، وقيل : هي صحف الرسل والسفرة القراء (٢).
(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨))
(قُتِلَ الْإِنْسانُ) أي لعن كل كافر مثل عتبة وابن خلف (ما أَكْفَرَهُ) [١٧] استفهام توبيخ ، أي أي شيء حمله على الكفر مع أنه يعلم (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) [١٨] الله تعالى ، وذلك دعاء عليه وهو أشنع الدعوات عندهم.
(مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢))
ثم بين مم خلقه فقال (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) [١٩] أي فقدر خلقه في بطن أمه طورا بعد طور إلى إحيائه (ثُمَّ السَّبِيلَ) أي سبيل الخروج من بطن أمه (يَسَّرَهُ) [٢٠] أو طريق الخير والشر يسره بتمكينه وتبيينه (٣)(ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) [٢١] أي جعله في قبره وستره تكرمة له ، ولم يجعله (٤) ممن يلقى على وجه الأرض كالبهائم (ثُمَّ إِذا شاءَ) بعد القبر (أَنْشَرَهُ) [٢٢] للبعث.
(كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣))
قوله (كَلَّا) ردع للإنسان عما هو عليه من الجهل والكفر ، وقيل : حقا (٥)(لَمَّا يَقْضِ) أي لم يفعل بعد ولم يؤد (ما أَمَرَهُ) [٢٣] الله تعالى (٦) من الإيمان والطاعة.
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤))
ثم أمر بالنظر إلى حاله ليعتبر بخلقه فيؤمن بربه فقال (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) [٢٤] أي إلى مدخل طعامه ومخرجه الذي جعل سببا لحيوته أو إلى رزقه من أين يرزقه فليعتبر به.
(أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠) وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٢))
(أَنَّا صَبَبْنَا) بفتح «أن» بدل اشتمال من الطعام ، وبكسر «إن» (٧) تفسير للنظر ، أي انا صببنا (الْماءَ) من السماء (صَبًّا) [٢٥] أي المطر على الأرض (ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ) بالنبات والشجر (شَقًّا [٢٦] فَأَنْبَتْنا فِيها) أي في الأرض (حَبًّا) [٢٧] كالحنطة والشعير مما يتغذى به (وَعِنَباً وَقَضْباً) [٢٨] أي قتا وكراثا وسائر البقول التي تقضب ، أي تقطع من أصلها (وَزَيْتُوناً) أي شجرته (وَنَخْلاً [٢٩] وَحَدائِقَ) أي بساتين (غُلْباً) [٣٠] أي عظاما ، جمع غلباء وهي الغليظة الطويلة من الشجر ، والغرض تكاثفها وكثرة أشجارها وكبرها (وَفاكِهَةً) لكم (وَأَبًّا) [٣١] أي عشبا لمصالحكم أو مرعى لدوابكم ، روي : أن أبا بكر رضي الله عنه سئل عن «الأب» فقال : «أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم به» (٨)(مَتاعاً) أي منفعة (لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) [٣٢] لتؤمنوا وتشكروا فتنجوا من العذاب يوم القيامة.
__________________
(١) ينسخون ، وي : ينتسخون ، ح.
(٢) نقله المصنف عن الكشاف ، ٦ / ٢٠٩.
(٣) وتبيينه ، وي : أو تبيينه ، ح.
(٤) ولم يجعله ، وي : ولم يجعل له ، ح.
(٥) عن الحسن ، انظر البغوي ، ٥ / ٥٢٣.
(٦) تعالى ، ح : ـ وي.
(٧) «أنا» : قرأ الكوفيون بفتح الهمزة في الحالين ورويس بفتحها وصلا وكسرها ابتداء ، والباقون بكسرها في الحالين. البدور الزاهرة ، ٣٣٧.
(٨) انظر الطبري ، ١ / ٧٨ ؛ والسمرقندي ، ١ / ٧٣ ؛ والبغوي ، ٥ / ٥٢٤.