سورة المطففين
قيل : مكية وقيل : مدنية (١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣))
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [١] أي للباخسين في الكيل والوزن ، وكان أهل مكة يزنون وأهل المدينة يكتالون ، وكشف المطففين بوصفهم وهو (الَّذِينَ) أي هم الذين (إِذَا اكْتالُوا) أي اشتروا (عَلَى النَّاسِ) أي من الناس (يَسْتَوْفُونَ) [٢] أي يتمون الكيل والوزن (وَإِذا كالُوهُمْ) أي باعوهم الطعام بالكيل (أَوْ وَزَنُوهُمْ) أي باعوهم أياه بالوزن (يُخْسِرُونَ) [٣] أي ينقصون الكيل والوزن ، وإنما لم يقل إذا اكتالوا أو اتزنوا كما قال «وإذا كالوهم أو وزنوهم» ، لأن المطففين كانوا لا يأخذون المكيل والموزون إلا بالمكيال لغرض التطفيف.
(أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥))
قوله (أَلا يَظُنُّ) استفهام للتوبيخ وإنكار للتطفيف دخل على النفي ، وليس (أَلا) هنا للتنبيه لفساد المعنى ، أي ألا يستيقن (أُولئِكَ) المطففون (أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) [٤] فيتركون التطفيف (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) [٥] وهو يوم البعث.
(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦))
قوله (يَوْمَ) نصب على الظرف ، أي مبعوثون يوم (يَقُومُ النَّاسُ) من قبورهم (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [٦] أي لأجل أمره تعالى وجزائه ، قيل : يقوم الناس يومئذ مقدار نصف يوم (٢) هو خمسمائة عام ، «وذلك المقام على المؤمن كزوال الشمس وإن الكافر ليلجم بعرقه حتى بقول أرحني ولو إلى النار» (٣) وكذلك المطفف.
(كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨))
قوله (٤)(كَلَّا) ردع للمطففين عن (٥) عدم ظنهم بالبعث (إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ) أي ما يكتب من أعمالهم (لَفِي سِجِّينٍ) [٧] أي محروز فيه ليناقشوا عليه ، قيل : «هو صخرج تحت الأرض السابعة السفلي فيها أرواح الكفار» (٦) ، «فعيل من السجن» (٧) وهو الحبس في مكان مظلم وحش ، وهو مسكن إبليس وذريته استهانة به ، منصرف لأن فيه علة واحدة ، وهي العلمية ثم فخم شأنه بقوله (وَما أَدْراكَ) أي أي شيء أعلمك (ما سِجِّينٌ) [٨] يعني ليس السجين مما كنت تعلمه.
(كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠))
ثم فسر فقال (كِتابٌ مَرْقُومٌ) [٩] أي هو ديوان مكتوب فيه ما هم عاملون من الشر وما إليه صائرون من النار ، لا يقال يلزم منه أن يكون كتاب الفجار في كتاب مرقوم لأنا نقول إن سجينا ديوان جامع لأعمال الشياطين
__________________
(١) أخذ المؤلف هذين القولين عن البغوي ، ٥ / ٥٣٤.
(٢) نقله عن السمرقندي ، ٣ / ٤٥٦. ولم أعثر عليه في كتب الأحاديث المعتبرة التي راجعتها.
(٣) عن ابن مسعود ، انظر السمرقندي ، ٣ / ٤٥٦.
(٤) قوله ، وي : ـ ح.
(٥) عن ، وي : على ، ح.
(٦) عن عبد الله بن عمرو وقتادة ومجاهد والضحاك ، انظر البغوي ، ٥ / ٥٣٦ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٤٥٧ (عن قتادة ومجاهد).
(٧) عن الزجاج ، انظر السمرقندي ، ٣ / ٤٥٧.