(خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦) وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨))
(خِتامُهُ مِسْكٌ) بكسر الخاء اسم (١) لما يختم به الشيء ، أي يمزج بالكافور ويختم بالمسك ، وقرئ «خاتمه» بفتح التاء بعد الألف وهو آخره (٢)(وَفِي ذلِكَ) أي في مثل هذا الثواب (فَلْيَتَنافَسِ) أي فليرغب (الْمُتَنافِسُونَ) [٢٦] أي الراغبون (وَمِزاجُهُ) أي مزاج الرحيق (مِنْ تَسْنِيمٍ) [٢٧] علم لعين في الجنة ، من تسنم إذا ارتفع ، أي من مائه وهو من أشرف شراب الجنة ويسمى به (٣) ، لأنه يتسنم عليهم في الأنصاب من الأعلى في إنائهم كما (٤) روي أنها تجري (٥) في الهواء متسنمة فينصب في أوانيهم من فوق (٦) ، أصله من سنام البعير وهو المرتفع منه ، قوله (عَيْناً) نصب على المدح أو على الحال (يَشْرَبُ بِهَا) أي منها (الْمُقَرَّبُونَ) [٢٨] صرفا ويمزج لأصحاب اليمين.
(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠))
ونزل في الكفار واستهزائهم بالمؤمنين (٧)(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) أي أشركوا من أهل مكة كأبي جهل وأتباعه (كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) [٢٩] أي يستهزؤون (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) [٣٠] أي يتطاعنون فيهم أو يشيرون بأعينهم أو بالحاجب والشفتين.
(وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣))
(وَإِذَا انْقَلَبُوا) أي إذا رجع الكفار (إِلى أَهْلِهِمُ) ومنازلهم (انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) [٣١] وقرئ «فاكهين» (٨) ، أي معجبين فرحين بما هم فيه من الشر ، وقيل : جاء علي رضي الله عنه في نفر من المسلمين فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ، ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا رأينا الأصلع فضحكوا منه فنزلت قبل أن يصل علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٩). (وَإِذا رَأَوْهُمْ) أي رأوا المؤمنين (قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ) أي ضعفاء المؤمنين (لَضالُّونَ) [٣٢] لإيمانهم بمحمد فقال (١٠) تعالى تهكما بالكفار (وَما أُرْسِلُوا) أي الكافرون (عَلَيْهِمْ) أي على المؤمنين (حافِظِينَ) [٣٣] ليحفظوا عليهم أعمالهم ، يعني لا حكم لهم على المؤمنين.
(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦))
(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي إذا دخلوا الجنة (مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) [٣٤] أي يستهزؤون بهم ، وقيل : «هذا كله في المنافقين يقال لهم يوم القيامة اخرجوا من النار إلى الجنة فاذا انتهوا إلى أبواب الجنة أغلقت دونهم ، يفعل لهم ذلك مرارا والمؤمنين يضحكون» (١١)(عَلَى الْأَرائِكِ) أمنون في الجنة (يَنْظُرُونَ) [٣٥] نصب على الحال من (يَضْحَكُونَ) ، يعني يضحكون منهم ناظرين إليهم من أبواب الجنة وإلى ما هم فيه من الهوان بعد العزة ومن العذاب بعد النعيم كما ضحكوا من المؤمنين في الدنيا ، ويقال يوم القيامة لهم بالاستفهام تقريرا للجزاء وتوبيخا (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ) أي ألم يجاز الكفار جزاء (ما كانُوا يَفْعَلُونَ) [٣٦] في الدنيا من التكذيب والاستهزاء بالمؤمنين.
__________________
(١) اسم ، و : ـ ح ي.
(٢) «ختامه» : قرأ الكسائي بفتح الخاء وألف بعدها وبعد الألف تاء مفتوحة فميم مضمومة ، وغيره بكسر الخاء وتاء مفتوحة بعدها ألف وبعد الألف ميم مضمومة. البدور الزاهرة ، ٣٣٩.
(٣) يسمى ، وي : تسمى ، ح.
(٤) كما ، ح : ـ وي.
(٥) تجري ، ي : يجري ، ح و.
(٦) اختصره من البغوي ، ٥ / ٥٤٠.
(٧) اختصره المؤلف من السمرقندي ، ٣ / ٤٥٨ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٢١٨ ـ ٢١٩.
(٨) «فكهين» : حذف الألف بعد الفاء حفص وأبو جعفر ، وأثبتها الباقون. البدور الزاهرة ، ٣٣٩.
(٩) قد أخذه المفسر عن الكشاف ، ٦ / ٢١٩.
(١٠) الله ، + ح.
(١١) ذكر أبو صالح نحوه ، انظر البغوي ، ٥ / ٥٤١ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٢١٩.