سورة الأعلى
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١))
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [١] أي نزه اسم ربك عن الكذب إذا أقسمت به أو نزه اسمه عما لا يصلح فيه من المعاني التي هي إلحاد في الدين ، فا ل «أعلى» صفة لل (اسْمَ) ، يجوز أن يكون صفة لل «رب» ، أي الأعلى بالعلو الذي هو القهر والاقتدار لا بمعنى العلو في المكان أو قل سبحان ربي الأعلى ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «اجعلوها في سجودكم» كما قال عند نزول قوله (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)(١) : اجعلوها في ركوعكم» (٢) ، وكانوا يقولون في الركوع : اللهم لك ركعت وفي السجود اللهم لك سجدت (٣) ، والاسم زائد ، أي سبح ربك ونزهه عما لا يصلح له كالتشبيه والشريك أو في الكلام خذف ، أي مسمى اسم ربك.
(الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥))
(الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) [٢] مخلوقه بأن جعله مستويا بتسوية أعضائه كاليدين والرجلين والعينين ولم يجعله زمنا ولا متفاوتا فاحشا غير ملتئم في الطول والقصر والدقة (٤) والغلظة ، وفي وسعة إحدى العينين وضيقها ، بل جعله متناسب الخلق قائما في المشي لا كالبهائم (وَالَّذِي قَدَّرَ)(٥) لكل حيوان ما يصلحه (فَهَدى) [٣] أي أرشده للانتفاع به كالأكل والشرب والجماع والمعاش ، قيل : إن الحية تعمى كل سنة شتاء من أكل التراب فتمسح عينها بورق الرازيانج وإن كانت المسافة بينها وبينه بعيدة فتبصر فسبحان من ألهمها ذلك (٦)(وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) [٤] أي أنبت العشب (فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) [٥] أي هشيما يابسا أسود بعد خضرته ، ف (أَحْوى) صفة (غُثاءً).
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧))
قوله (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) [٦] بالألف ، لأن «لا» نفي بشارة من الله للنبي عليهالسلام بمعجزة ظاهرة بأن يحفظ كل ما يقرأ عليه جبرائيل عليهالسلام وهو أمي لا يكتب ولا يقرأ فلا ينساه إلا ما شاء الله تعالى ، فيذهب به عن حفظه لحكمة يعلمها ، وقيل : نزل حين استعجل بقراءة القرآن إذا قرأه جبرائيل عليهالسلام خوف النسيان (٧) ، أي سنعلمك القرآن فلا تنسى (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) أي تنساه على سبيل النسخ ، فلم ينس النبي عليهالسلام بعد ذلك شيئا ، لأنه إخبار الله تعالى وهو صدق (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ) أي إن الله يعلم جهر جبرائيل بالقراءة (وَما يَخْفى) [٧] منها فلا تحزن من النسيان.
__________________
(١) الحاقة (٦٩) ، ٥٢.
(٢) رواه أبو داود ، الصلوة ، ١٥١ ؛ وابن ماجة ، الصلوة ، ١٩.
(٣) نقله عن الكشاف ، ٦ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٤٦٩.
(٤) الدقة ، وي : الرقة ، ح.
(٥) أي ، + ح.
(٦) اختصره المؤلف من الكشاف ، ٦ / ٢٢٦.
(٧) أخذه المفسر عن السمرقندي ، ٣ / ٤٧٠.