سورة الغاشية
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣))
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) [١] أي قد أتاك قصة القيامة التي تغشى الخلائق بأهوالها الآن (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) [٢] أي ذليلة (عامِلَةٌ) بأعمال قبيحة في الدنيا مع تعب في الآخرة أو هم أصحاب الصوامع الذين يعملون فيها أعمالا صالحا حسنة ثقيلة من تهجد وصيام وسجود لا ينفعهم ثمه (ناصِبَةٌ) [٣] أي متعبة بجر السلاسل في النار على وجوههم وتكليفهم بارتقاء جبل من حديد.
(تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧))
(تَصْلى) أي تدخل (ناراً حامِيَةً) [٤] أي شديدة الحر (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) [٥] أي حارة قد انتهى حرها ، قيل : لو وقعت منها قطرة على جبال الدنيا لذابت (١)(لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) [٦] أي من نبت مر يابس كأظفار الهرة ، وإذا أخضر يسمى شبرقا لا يقربه دابة لخبثه لو (٢) أكلت منه (٣) ماتت وهو ما بين مكة واليمن ، قيل : «هو في النار أمر من الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار» (٤)(لا يُسْمِنُ) أي لا يشبع الجائع (وَلا يُغْنِي) أي لا ينفع (مِنْ جُوعٍ) [٧] وهو وصف (ضَرِيعٍ) ولا يناقضه قوله ليس لهم (طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ)(٥) ، لأن العذاب ألوان والمعذبون أنواع لكل منهم جزء مقسوم منه ، وقيل : هذا جزاء من أتعب نفسه بعمل الدنيا وبما لا يحتاج إليه (٦).
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١))
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) [٨] أي ذات حسن وبهجة في نعمة (لِسَعْيِها) أي لعملها من طاعة الله تعالى وترك معصيته في الدنيا (راضِيَةٌ) [٩] في الآخرة إذا رأت ثوابه (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) [١٠] أي هي في جنة مرتفة في الدرجات العلى (لا تَسْمَعُ فِيها) أي في الجنة (لاغِيَةً) [١١] بالرفع فاعل (تَسْمَعُ) بالتاء والياء مجهولا ، وبالنصب مفعول (تَسْمَعُ) بالتاء خطابا (٧) للنبي عليهالسلام أو الضمير لل (وُجُوهٌ) ، أي كلاما لغوا وهو هذيانه وساقطه.
__________________
(١) قاله المفسرون ، انظر البغوي ، ٥ / ٥٦٢.
(٢) لو ، وي : إذ ، ح.
(٣) منه ، ح : ـ وي.
(٤) انظر البغوي ، ٥ / ٥٦٢. ولم أعثر عليه في كتب الأحاديث المعتبرة التي راجعتها.
(٥) الحاقة (٦٩) ، ٣٦.
(٦) هذا الرأي مأخوذ عن السمرقندي ، ٣ / ٤٧٣.
(٧) «لا تسمع فيها لاغية» : قرأ نافع «تسمع» بالتاء المثناة الفوقية المضمومة و «لاغية» برفع التاء ، وابن كثير وأبو عمرو ورويس بالياء التحتية المضمومة في «تسمع» مع رفع التاء في «لاغية» ، والباقون بالتاء المثناة الفوقية المفتوحة في «تسمع» ونصب التاء في «لاغية». البدور الزاهرة ، ٣٤١.