سورة البلد
مكية وقيل : مدنية (١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢))
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) [١] أي أقسم بالبلد الحرام الذي ولدت فيه ، قوله (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) [٢] اعتراض بين القسم والمعطوف عليه لاهتمام ذكره لتعظيم نبيه عليهالسلام ، أي وأنت حلال بهذا البلد لتصنع ما تريد فيه من قتل وغيره لعظم حرمتك أو إن الكفار يستحلون إخراجك من هذا البلد لشدة عداوتهم بك مع عدم استحلالهم صيده وعضد شجره فتستحل فيه كما يستحل الصيد في غير الحرم ، فعلى المعنى الأول القتال حل له يوم فتح مكة فقوله (وَأَنْتَ حِلٌّ) في معنى الاستقبال كما في قوله (إِنَّكَ مَيِّتٌ)(٢) ، أي يستحل لك في هذا البلد القتل ساعة من نهاره.
(وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤))
(وَوالِدٍ) أي بحق والد وهو آدم (وَما وَلَدَ) [٣] أي وذريته أو كل والد ومولود وهو الظاهر ، ف (ما) بمعنى من ذكره لغرض الإبهام المستقل للمدح والتعجب (٣) ، وجواب القسم (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) أي الجنس (فِي كَبَدٍ) [٤] أي في شدة ومشقة يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة ، فيه تثبيت لرسوله عليهالسلام على احتمال ما يكابد من أهل مكة بالقسم ببلده على أن الإنسان لا يخلو من مقاساة الشدائد.
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠))
(أَيَحْسَبُ) أي أيظن الإنسان والمراد أبو جهل الذي هو قوي قريش وشجاعتهم ومكابد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومتضعف المؤمنين (أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) [٥] لقوته فسوف (يَقُولُ) إذا بعث يوم القيامة (أَهْلَكْتُ) أي أتلفت (مالاً لُبَداً) [٦] أي كثيرا على عداوة محمد عليهالسلام فلم ينفعني ذلك (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) [٧] أي أن لم ير الله تعالى فعله ولا يعاقبه بما فعل من الشر ، ثم ذكر انعامه عليه ووبخه على ترك الاستدلال على ما يجب عليه من الإيمان والشكر فقال (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) [٨] يبصر بهما (وَلِساناً) ينطق به (وَشَفَتَيْنِ) [٩] يضمهما إذا أراد السكوت (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) [١٠] أي عرفناه وبيناه طريق الخير والشر واضحا بالأدلة كوضوح النجد وهو ما ارتفع من الأرض.
(فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١))
قوله (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) [١١] يشير به إلى الكافر لعناده لا يتأهب ليوم القيامة ، أي فهو ما جاوز العقبة ،
__________________
(١) ولم أجد له أصلا في المصادر التي راجعتها.
(٢) الزمر (٣٩) ، ٣٠.
(٣) التعجب ، وي : التعجيب ، ح.