سورة التكاثر
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢))
قوله (أَلْهاكُمُ) أي أشغلكم (التَّكاثُرُ) [١] أي التفاخر بكثرة (١) الأموال والأولاد عن طاعة الله تعالى (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) [٢] أي حتى متم ودفنتم في القبور فجعلت زيارة القبور عبارة عن الموت ، لأنه يزار القبر بسبب الميت (٢) ، وقيل : حتى عددتم قبور موتاكم تفاخرا بكثرة عددكم (٣) ، المعنى : ألهاكم التباهي بالكثرة وهو مما لا ينفعكم في دنياكم وأخراكم عن ما يعنيكم من أمر الدين الذي هو أهم من كل مهم ، نزل حين تفاخر قبيلتان من العرب بنو عبد مناف وبنو سهم في الكثرة ، فقال بنو سهم قد أهلكنا القتال فنعد أحياءنا وأحياءكم وموتانا وموتاكم ، فتعادوا فكثرنهم بنو سهم (٤) ، فقال تعالى أغفلكم التكاثر بالأموال وجمعها والأولاد وزينتها عن نظركم لآخرتكم.
(كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥))
قوله (كَلَّا) ردع لهم عن صنيعهم وتنبيه على أنه لا ينبغي للناظر لنفسه أن يكون الدنيا جميع همته ولا يهتم بدينه ، وقوله (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) [٣] تهديد بالعاقبة ، وهي حالة نزول الموت بهم ، والتكرير في قوله (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) [٤] لزيادة تهديد ، و (ثُمَّ) للمبالغة في الإنذار لينتهوا عن غفلتهم ويخافوا من شدة الهول قدامهم ، وهي السؤال في القبر والعذاب بالنار (٥) إذا خرجوا منه وقت البعث ، ثم كرر التنبه بقوله (كَلَّا) أي حقا (لَوْ تَعْلَمُونَ) عاقبة تفاخرهم (عِلْمَ الْيَقِينِ) [٥] أي كعلمكم شيئا بلا شك وشبهة لامتنعتم عن التفاخر وهو جواب (لَوْ) بالحذف.
(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (٧))
ثم بين لهم ما أنذرهم منه بقوله (لَتَرَوُنَّ)(٦) واللام للقسم في (٧)(لَتَرَوُنَّ) معلوما من رأى ، ومجهولا من أرى (٨) ، أي والله لتبصرن (الْجَحِيمَ) [٦] بأعينكم ، ثم كرر الرؤية تفخيما لشأنها (٩) وتغليظا في التهديد فقال (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها
__________________
(١) بكثرة ، وي : لكثرة ، ح ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٥ / ٦١٧.
(٢) الميت ، وي : الموت ، ح.
(٣) ولم أجد له أصلا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٤) عن الكلبي ومقاتل ، انظر السمرقندي ، ٣ / ٥٠٦ ؛ والواحدي ، ٣٧٥ ؛ والبغوي ، ٥ / ٦١٧.
(٥) بالنار ، وي : في النار ، ح.
(٦) بالحذف ثم بين لهم ما أنذرهم منه بقوله لترون ، ي : بالحذف ثم بين لهم ما أنذرهم منه بقوله ، ح ، ـ و.
(٧) واللام للقسم في ، وي : ـ ح.
(٨) «لترون» : قرأ ابن عامر والكسائي بضم التاء ، وغيرهما ولا خلاف بين العشرة في فتح التاء في «لترونها». البدور الزاهرة ، ٣٤٧.
(٩) لشأنها ، وي : ـ ح.