سورة الكوثر
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣))
قوله (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) [١] فوعل من الكثرة وهو المفرط الكثرة ، نزل حين نام النبي عليهالسلام نومة خفيفة ، ثم رفع رأسه متبسما ، فقال أصحابه : ما أضحكك يا رسول الله؟ قال : أنزلت علي آنفا سورة فقرأها (١) ، فسئل عن الكوثر ، فقال : «الكوثر نهر في الجنة وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته كعدد نجوم السماء حافتاه الذهب ومجراه على الدر والياقوت ، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل تربته أطيب من المسك» (٢) ، روي : أول وارد به فقراء المهاجرين (٣) ، المعنى : أعطيت ما لم يعطه أحد غيرك من خير الدارين.
(فَصَلِّ لِرَبِّكَ)(٤) الصلوات الخمس أو صلوة العيد يوم النحر (وَانْحَرْ) [٢] أي اذبح البدن بمعنى أو استقبل القبلة بنحرك وبوضع اليمين على الشمال.
(إِنَّ شانِئَكَ) أي مبغضك من قومك لمخالفتك لهم وهو العاص بن وائل (هُوَ الْأَبْتَرُ) [٣] أي المنقطع عن كل خير في الدنيا والآخرة وإن ذكر ذكر باللعن ، لأنه يقول إن محمدا هو الأبتر الذي لا عقب له ، أي ليس معه ولد ولا أخ يقوم مقامه ، فاذا مات مات ذكره فاغتم لذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال الله هو الأبتر بالتخصيص لا أنت ، لأن من يولد من المؤمنين أعقابك وذكرك مقرون بذكر الله ومرفوع على المنابر والمنائر ، وعلى لسان كل عالم ذاكر إلى آخر الدهر.
__________________
(١) عن أنس ، انظر البغوي ، ٥ / ٦٣٤.
(٢) أخرج ابن ماجة نحوه ، الزهد ، ٣٩ ؛ وأحمد بن حنبل ، ٢ / ٦٧ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٥١٩ ؛ والبغوي ، ٥ / ٦٣٥ ؛ والكشاف ، ٦ / ٢٥٨.
(٣) أخذه المؤلف عن الكشاف ، ٦ / ٢٥٨.
(٤) أي ، + ح.