تكبر عن الإيمان جهنم.
(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (٧٣))
ثم بين حال المؤمنين المطيعين بقوله (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) عن الشرك والمعاصي (رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) حال ، أي جماعة جماعة (١) في تفرقة بعضهم قبل الحساب وبعضهم بعد الحساب اليسير وبعضهم بعد الحساب الشديد بحسب مراتبهم (حَتَّى إِذا جاؤُها) جواب (إِذا) محذوف ، أي اطمأنوا عند مجيئهم الجنة (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) الواو للحال ، أي وقد فتحت أبوابها بدلالة قوله تعالى (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ)(٢) ، وقيل : هو جواب (إِذا) والواو للإيذان بأنها كانت مفتحة قبل مجيئهم تكرمة لهم (٣) ، وقيل : يساق الكفار سريعا إلى النار طردا وإهانة لهم ويساق المؤمنون إلى الجنة سريعا ليصلوا إلى المعد لهم فيها تكرمة لهم بدار الكرامة والرضوان (٤)(وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) أي (٥) يسلم عليهم الخزنة وتقول (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ) أي طهرتم من دنس (٦) الذنوب أو طابت لكم الجنة (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) [٧٣] حال مقدرة فاذا دخلوها ورأوا ما أعد لهم فيها أعجبوا سريعا.
(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤))
(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) أي أنجز لنا على لسان رسله وعده (وَأَوْرَثَنَا) أي أعطانا وأنزلنا (الْأَرْضَ) أي أرض الجنة (نَتَبَوَّأُ) أي ننزل (مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) أي حيث نشتهي قوله (نَتَبَوَّأُ) حال من ضمير المتكلم في (أَوْرَثَنَا) ، و (حَيْثُ نَشاءُ) إشارة إلى سعة الأرض والزيادة على قدر الحاجة لا أن أحدا ينزل في غير منزله ، وقيل : يدخل هذه الأمة أولا الجنة فتنزل حيث تشاء منها ثم يدخل سائر الأمم (٧)(فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) [٧٤] الجنة.
(وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٧٥))
(وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ) أي محدقين (مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) أي من كل جانب (٨) ، قوله (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) حال من ضمير (حَافِّينَ) ، أي ينزهونه تعالى ويحمدونه تلذذا لا تعبدا ، لأنه لا تكليف فيها (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي حكم الله بين الخلائق يوم القيامة (بِالْحَقِّ) أي بالعدل فيدخل المؤمن الجنة والكافر النار ، ويجوز أن يرجع الضمير إلى (الْمَلائِكَةَ) على أن ثوابهم وإن كانوا معصومين جميعا لا يكون على سنن واحد ولكن يفاضل (٩) بين مراتبهم على حسب تفاضلهم في أعمالهم (١٠) ، وقيل : يقضي الملائكة بين أهل الجنة باعطاء كل منهم منزلته (١١)(وَقِيلَ) أي قال أهل الجنة أو الملائكة لما ميزوا من الكفار أو لما قضي بينهم بالحق (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [٧٥] الذي نجانا من القوم الكافرين أو الذي قضى بيننا بالحق بانزال كل منا منزلته التي هي حقه.
__________________
(١) جماعة ، ح : ـ وي.
(٢) ص (٣٨) ، ٥٠.
(٣) ولم أجد له مرجعا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٤) اختصره المفسر من الكشاف ، ٥ / ١٧٢.
(٥) ثم ، + و.
(٦) دنس ، ح : ـ وي.
(٧) ولم أجد له مأخذا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٨) منه ، + و.
(٩) يفاضل ، ح : يعامل ، ي ، ـ و؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٥ / ١٧٢.
(١٠) ويجوز أن يرجع الضمير إلى ... على حسب تفاضلهم في أعمالهم ، ح ي : ـ و.
(١١) نقل المؤلف هذا الرأي عن الكشاف ، ٥ / ١٧٣. ويجوز أن يرجع الضمير إلى الملائكة على أن ثوابهم وإن كانوا معصومين جميعا لا يكون على سنن واحد ولكن يفاضل بين مراتبهم على حسب تفاضلهم في أعمالهم وقيل يقضي الملائكة بين أهل الجنة باعطاء كل منهم منزلته ، + و.