سورة غافر (المؤمن)
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢))
(حم) [١] قيل : هو قسم أقسم الله به (١) ، أي بحم ، وهو اسم من أسماء القرآن (٢) ، وقيل : هو اسم الله الأعظم (٣) ومعناه بالحي الحقيوم (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) أي لتنزل القرآن (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ) في سلطانه (الْعَلِيمِ) [٢] بمصالح عباده وبأعمالهم.
(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣))
(غافِرِ الذَّنْبِ) لمن تاب وآمن (وَقابِلِ التَّوْبِ) ممن أخلص في توبته (شَدِيدِ الْعِقابِ) لمن أشرك وكفر (ذِي الطَّوْلِ) أي ذي الفضل والأنعام الواسع للموحدين العاملين ، قيل : إضافة (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) محضة ، لأن المراد دوام الفعل منه تعالى فيكونان معرفتين ، وإضافة (شَدِيدِ الْعِقابِ) لفظية في تقدير الانفصال ، أي شديد عقابه (٤) ، وتوسط الواو بين (غافِرِ) و (قابِلِ) يفيد الجمع للمذنب التائب بين رحمتين المغفرة والقبول بأن يحصل توبته طاعة من طاعاته وكفارة لذنوبه ، قوله (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) بيان لتوحيده ليوحدوه ولا يشركوا به شيئا ، قوله (إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [٣] بيان لرجوعهم إليه في الآخرة ليجازيهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، قال صلىاللهعليهوسلم : «من أراد أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم». (٥)
(ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٥))
(ما يُجادِلُ) أي ما يخاصم (٦)(فِي آياتِ اللهِ) أي القرآن ومعجزات الرسول (٧) بالتكذيب والباطل (إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) بها (فَلا يَغْرُرْكَ) الفاء فيه للسبب (٨) ، يعني أن كفرهم الموجب للشقاوة الأبدية سبب أن لا يخدعك يا محمد (تَقَلُّبُهُمْ) أي ذهابهم ومجيئهم (فِي الْبِلادِ) [٤] أي في أسفارهم بكثرة الأموال وزخارف الدنيا للتجارات مع سلامتهم في تمتعهم بها ، فانهم ليسوا من الدين على شيء وهم يعذبون في الآخرة لتكذيبهم إياك وكتابك كما (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) نوحا (وَالْأَحْزابُ) الذين تحزبوا على رسلهم (مِنْ بَعْدِهِمْ) أي بعد قوم نوح وكفروا بهم وبكتبهم (وَهَمَّتْ) أي قصدت (كُلُّ أُمَّةٍ) كافرة (بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) للأسر والقتل والتعذيب
__________________
(١) هذا الرأي مأخوذ عن السمرقندي ، ٣ / ١٦٠.
(٢) أخذ المؤلف هذا الرأي عن السمرقندي ، ٣ / ١٦٠.
(٣) عن ابن عباس ، انظر البغوي ، ٥ / ٣٢.
(٤) نقله المصنف عن الكشاف مختصرا ، ٥ / ١٧٣.
(٥) انظر السمرقندي ، ٣ / ١٦٠. ولم أعثر عليه في كتب الأحاديث الصحيحة التي راجعتها.
(٦) أي ما يخاصم ، ح ي : أي لا يخاصم ، و.
(٧) الرسول ، ح ي : الرسل ، و.
(٨) للسبب ، وي : للتسبيب ، ح.