(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦))
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي شركاء فعبدوها (اللهُ حَفِيظٌ) أي رقيب (عَلَيْهِمْ) أي على أعمالهم وأحوالهم فيجازيهم (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) [٦] أي بحفيظ عن الكفر فيؤمنوا بالخبر منك ، إنما أنت منذر فحسب وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧))
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) الكاف مفعول به ل «أحينا» و (قُرْآناً عَرَبِيًّا) حال من المفعول به ، أي مثل ذلك الإيحاء البين المفهم ، أوحينا إليك قرآنا عربيا بلسانك لتفهم ثم (لِتُنْذِرَ) أي بالقرآن (أُمَّ الْقُرى) أي مكة (وَمَنْ حَوْلَها) من العرب (وَتُنْذِرَ) هم (يَوْمَ الْجَمْعِ) أي بيوم القيامة ، وسمي ب (يَوْمَ الْجَمْعِ) لأنه يجمع فيه بين الأرواح والأجساد أو يجمع فيه الخلائق من السماء والأرض أو يجمع بين كل عامل وعمله (لا رَيْبَ فِيهِ) أي لا شك بأنه كائن فيتفرق الخلائق يومئذ بعد الجمع في الموقف منهم (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ) وهم المؤمنون (وَ) منهم (فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [٧] وهم الكافرون.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٨))
(وَلَوْ شاءَ اللهُ) مشية قسر وقدرة (لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) أي على ملة الإسلام (وَلكِنْ) شاء مشية حكمة واختيار ، فبني (١) أمرهم على ما يختارون ولذلك (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) أي في جنته أو في دين الإسلام (وَالظَّالِمُونَ) أي الكافرون (ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ) أي صديق يشفع لهم (وَلا نَصِيرٍ) [٨] يمنعهم من عذابه تعالى.
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩))
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي شركاء عبدوها من دون الله ، والاستفهام للإنكار (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ) أي إذا أرادوا أولياء بحق فالله هو الولي بحق لا ولي سواه ، فيجب أن يتولي وحده ويعتقد أنه المولى والسيد لأنه خالقهم ورازقهم (وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى) بعد إماتتهم يوم القيامة (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [٩] من الخلق والرزق والإماتة والإحياء بعد الموت.
(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠))
قوله (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) أي من أمر الدين وغيره خطاب للمؤمنين ، أي ما خالفكم فيه الكفار من أهل الكتاب والمشركين (فَحُكْمُهُ) أي حكم ذلك المختلف فيه مفوض (إِلَى اللهِ) أي إلى علمه وقضائه فيثيب المحقين ويعاقب المبطلين ، ولا يجوز أن يراد من الاختلاف اختلاف المجتهدين في أحكام الشريعة ، لأن الاجتهاد لا يجوز بحضرة الرسول عليهالسلام ، والأصح جوازه بدليل حكم سعد بن معاذ في يهود بني قريظة عند النبي عليهالسلام واستحسانه (ذلِكُمُ اللهُ) أي قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك الذي وصف لكم بالحكم بينكم هو الله (رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) في رد كيد أعداء الدين (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [١٠] أي أرجع في كفاية شرهم أو أقبل إليه بالطاعة.
(فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١))
(فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي خالقهما (جَعَلَ) أي خلق (لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أي من جنسكم من الناس
__________________
(١) فبني ، ح و : وبني ، ي.