سورة الدخان
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣))
(حم) [١] أي يا محمد بحق الحي القيوم (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) [٢] أي وبحق القرآن الفارق بين الحق والباطل ، جواب القسم (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) أي القرآن (فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) هي ليلة القدر من اللوح المحفوظ من السماء السابعة إلى السماء الدنيا دفعة واحدة في بيت العزة إلى السفرة الكرام الذين أمروا باستنساخه من اللوح في ليلة القدر ، ثم نزل به جبرائيل عليهالسلام إلى رسول الله عليهالسلام في عشرين سنة متفرقا أو هي ليلة نصف شعبان ، وسماها ليلة مباركة لكثرة خيرها وبركتها على العاملين فيها الخير من المغفرة وفضيلة العبادة ونزول الرحمة على المؤمنين في هذه الليلة ، روي : أنه تعالى يغفر لجميع المسلمين فيها إلا لكاهن أو ساحر أو مدمن خمر أو عاق للولدين أو مصر على الزنا (١) ، وروي : «أنه من صلى في هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله إليه مائة ملك ثلاثون يبشرونه بالجنة ، وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا ، وعشرة يدفعون عنه مكائد الشيطان» (٢) ، وروي أنه عليهالسلام قال : «إن الله يرحم أمتي في هذه الليلة بعدد شعر أغنام بني كلب» (٣) ، قوله (إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) [٣] مع ما بعده تفسير لجواب القسم ، أي أنزلناه لإنذارنا وتحذيرنا الكافرين من العقاب.
(فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤))
(فِيها) أي في ليلة القدر أو نصف شعبان (يُفْرَقُ) أي يفصل ويكتب (كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [٤] أي محكوم بوقوعه (٤) من خير وشر وأجل ورزق وكل ما هو كائن من هذه الليلة إلى الليلة الآخرى من السنة القابلة من أم الكتاب.
(أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦))
(أَمْراً) أي يفرق فرقا وقضاء (مِنْ عِنْدِنا) أي بأمرنا من عندنا ، فصار نصبا بنزع الخالفض ، قوله (إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) [٥] بدل من (إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) ، أي كنا مرسلين الرسل إلى الخلق أو الملائكة في هذه الليلة (رَحْمَةً) أي لرحمة للمؤمنين (مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لمقالتهم (٥)(الْعَلِيمُ) [٦] بهم وبأعمالهم ، قيل : يبدأ استنساخ كل أمر محكوم بوقوعه من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ويقع الفراغ في ليلة القدر ، فيدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل ، ونسخة الحروب والزلازل والخسف والصواعق إلى جبرائيل ، ونسخة المصائب إلى ملك الموت ، ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا (٦).
__________________
(١) قد أخذه المؤلف عن الكشاف ، ٥ / ٢٣٥.
(٢) انظر الكشاف ، ٥ / ٢٣٥. ولم أعثر عليه في كتب الأحاديث الصحيحة التي راجعتها.
(٣) روى ابن ماجة نحوه ، إقامة ، ١٩١ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٥ / ٢٣٥.
(٤) بوقوعه ، ح و : بوقوع ، ي.
(٥) لمقالتهم ، وي : بمقالتهم ، ح.
(٦) نقله المؤلف عن الكشاف ، ٥ / ٢٣٦.